الوقوف مع إيران في ظل حربها مع إسرائيل في منظور الشرع الإسلامي

أكد مدير الشؤون الخارجية للجماعة الإسلامية في كشمير "خالد محمود خان"، أن العدوان الصهيوني على إيران أظهر مختلف مكوّنات الأمة الإسلامية من جماعات ومذاهب ومدارس فكرية، وحدةً واسعة النطاق، حيث تجاوزت الخلافات المذهبية والفكرية، وأرسلت رسالة واضحة بالوقوف إلى جانب المظلوم.
جاء في مقال لمدير الشؤون الخارجية للجماعة الإسلامية في كشمير "خالد محمود خان"، خصه لوكالة إيلكا للأنباء ما يلي:
بكل تأكيد، في ظلّ العدوان الإسرائيلي على إيران، أظهرت مختلف مكوّنات الأمة الإسلامية من جماعات ومذاهب ومدارس فكرية، وحدةً واسعة النطاق، حيث تجاوزت الخلافات المذهبية والفكرية، وأرسلت رسالة واضحة بالوقوف إلى جانب المظلوم.
ومع ذلك، لا تزال بعض الجهات مترددة في إعلان تضامنها مع إيران، مستندةً إلى سياساتها السابقة وبعض التصرفات المثيرة للجدل، مما يجعلها تحجم عن الدعم الصريح.
ولا شك أن سلوك إيران كان في بعض الأحيان مخالفاً للمصلحة الجماعية للأمة الإسلامية، وقد وُجّهت لها انتقادات محقة.
لكن من الحق أيضاً أن علماء الحق—الذين منحهم الله تعالى نعمة العلم والبصيرة والاعتدال—لا ينجرّون وراء ردود الأفعال العاطفية أو اللحظية، بل يتّخذون مواقفهم بناءً على العدل والحكمة والبصيرة، ويؤدّون دورهم في توجيه الأمة فكرياً حتى في أحلك الظروف.
وهذه المقالة التي بين أيدينا هي صوت أحد هؤلاء العلماء الربانيين، الفقهاء، والمفكرين الذين يحملون همّ الأمة، ويضيئون لنا الطريق في هذه المرحلة الحرجة من التاريخ في ضوء "فقه الميزان".
فموقفه لا يستند فقط إلى الأدلة الشرعية، بل يراعي كذلك المصلحة العليا للأمة.
نسأل الله تعالى أن يحفظه، ويوفقه لمزيد من خدمة الإسلام والمسلمين. آمين.
وفيما يلي نصُّ البيان الصادر عن سماحة الشيخ العلّامة الأستاذ الدكتور علي محي الدين القرة داغي، حفظه الله تعالى ورعاه؛ رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي يُرشدنا فيه إلى الموقف الشرعي المتزن الذي ينبغي اتخاذه في مثل هذه الظروف، وفقاً لفقه الميزان الإسلامي، الذي يجمع بين النصوص الشرعية ومقاصد الشريعة، ويوازن بين المواقف المبدئية والمصالح العليا للأمة الإسلامية.
*فقه الميزان في موضوع العدوان على إيران*
• الأستاذ الدكتور/علي محي الدين القرة داغي؛ حفظه الله تعالى. رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
إن الميزان أنزله الله مع الكتاب ليقوم الناس بالقسط، وأنه يقوم على الحق المطلق، والعدل المجرد من الأهواء بأن نقول للمحسن: أحسنت، وللمسيء: أسأت، و(فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).
وبناء على ذلك فإن موقف المسلمين يجب أن يكون موزونا بميزان الحق والعدل بعيداً عن الأهواء والعواطف، وبذلك يصبح المسلم حقا عبدا لله تعالى.
وبناء على ذلك فإن موقفنا وفق فقه الميزان من العدوان الصهيوني الغاشم الذي تعرضت له إيران في هذا التوقيت الحرج، الاعتداء الصهيوني مدان بكل المقاييس الأخلاقية والمواثيق الدولية، وهو تجاوز سافر لما تبقّى من منظومة القانون الدولي.
ونؤكد ما يلي:
1 ـ إن منطق الفوضى قد صار هو القاعدة لدى الصهاينة والاستكبار العالمي
2 ـ إن الهيمنة باتت تبيح كل محرم، حتى العدوان على سيادة الدول وكرامة شعوبها.
3 ـ لا يمكن فصل هذا الاعتداء عن السياق الإقليمي المتوتر الذي تصنعه السياسات الصهيونية الممنهجة، والتي تسعى لجرّ المنطقة إلى صراعات مفتوحة تنهك الجميع وتبقي التفوق لإسرائيل وحدها للإبادة المتواصلة في غزة، بكل أدوات القتل، من السماء والأرض، من السلاح والحصار، فتلك جرائم حرب؛ بل هي محاولة لمسح شعب كامل من الخارطة، ولإذلال أمة بأكملها. عشرات الآلاف من الشهداء، أغلبهم من الأطفال والنساء، مئات الآلاف من المهجرين، مستشفيات مدمرة، جامعات منهارة، إعلاميون مغتالون، وشعب محاصر بالجوع والعطش والبرد والخذلان.
4- إن الطغمة الحاكمة في تل أبيب لا تكنّ العداء للفلسطينيين وحدهم، بل تنظر إلى عموم المسلمين باعتبارهم أعداء وجوديين، وترى في كل نهضة إسلامية عربية أو غيرها خطرًا على مشروعها، وتعتبر أن الأمن الإسرائيلي لا يُبنى إلا بتدمير أي إمكانية لوجود عربي مستقل، أو إسلامي وازن، وبتغيير قوي.
5 ـ هذا كله لا يُفهم خارج مشروع صهيوني متكامل، يهدف إلى تكريس واقع جديد، تُمحى فيه فلسطين، وتُجتثُّ القدس من روحها الإسلامية، ويُبنى هيكل مزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، رمز كرامة الأمة ومفتاح نهضتها الروحية.
وهذا ما صرّح به نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وغيرهم ممن يعبّرون بوقاحة عن أطماعهم في الضفة وغزة والقدس، بل والمنطقة بأسرها، فهم لا يخفون أطماعهم، بل يسعون إليها بوثائق وتشريعات، وبغطرسة سلاح يضمنه سكوت العالم وخيانة البعض القريب.
6- وهنا، لا بد من التذكير أن موقفنا هذا لا يترتب عليه السكوت على الظلم، بل نحن دائما نوجب مقاومة الظلم سواء كان من العدو ام الصديق وفق المتاح، مع ترتيب الأولويات، وتحقيق التوازن بين الإمكان والواجب. إن ميزان الشرع يقضي أن: نصرة المظلوم، ودفع العدوان، من أعظم القربات. ثم إن الدفاع عن العقيدة، والمقدسات صلب العقيدة، ومن جوهر الدين ومقاصده العظمي، وأنه لا معنى لدين منزوع من شرف النصرة والحماية والغيرة، ولا قيمة لحياد يتستر بالعقل وهو يبرر الصمت.
إن واجب المسلمين اليوم أن يرتقوا بمستوى الموقف، فلا يكتفوا بالعواطف، بل ينتقلوا إلى المواقف. إن الجهاد بالمال ضروري لكنه لا يكفي، وإن كان واجبا بل يجب أن يعم جميع أنواعه، ومنها التحرك في الإعلام، والتأثير في الرأي العام، واستنهاض الطاقات الشبابية والحقوقية.
المطلوب قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، إيقاف أشكال التطبيع، دعم المقاومة سياسيًا وماليًا وإعلاميًا، فتح المحاكم الدولية لملاحقة القتلة، وخلق تحالفات إقليمية تتجاوز الاصطفافات الطائفية لصالح مواجهة العدو الأخطر على الجميع. على العلماء والمفكرين ألا يكتفوا ببيانات الاستنكار، بل أن يتحركوا لبناء وعيٍ لا يهادن ولا يبرر. أما الدول العربية والإسلامية، فالمطلوب هو ما يليق بالشعوب لا بما يُملى من عواصم القرار الدولي. عليها أن تدرك أن تآكل الموقف أمام العدوان لن يضمن لها أمنًا ولا بقاءً، وأن النأي بالنفس لا يُعفي من الحساب التاريخي.
أما الدول التي لا تدور في فلك السيطرة الغربية، كجنوب إفريقيا وعدد من دول أمريكا اللاتينية، فهي مدعوة اليوم للعب دور تاريخي في كسر احتكار السردية الغربية.
هذه الدول التي عانت من الاستعمار والعنصرية تملك من التجربة ما يجعل موقفها مؤثرًا في المحافل الدولية. عليها أن تدفع بمبادرات حقيقية لوقف العدوان، وأن ترفض الرواية الصهيونية بكل أدواتها، وأن تفرض قضايا العدالة على جدول أعمال المؤسسات الأممية.
المرحلة الحالية هي مرحلة اختبار لكل الضمائر، وامتحان لمدى إيماننا بقيم الحق والعدل والحرية. من يسكت على دماء غزة، ومن يتجاهل هدم الأقصى، ومن يبرر العدوان على إيران أو غيرها، سيكون شريكًا في الجريمة. والسكوت في زمن المجازر خيانة، والحياد حين تُغتصب الأرض وتُدنس المقدسات جريمة أخلاقية وسياسية لا تُغتفر.
نحن لا نقبل بالانفعال الأهوج، لكننا لا نرضى بالخنوع. موقفنا وفق فقه الميزان يبني الموقف على ميزان العدل، ويصوغ الفعل من روح الشريعة، حيث تُجمع الأمة على أن دم المسلم واحد، وكرامته لا تتجزأ، وأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.
وأخيرًا فإن فقه الميزان يقتضي أن يكون لكل مقام مقال، فلا ينبغي ولا يليق في مقام المظلوم أن يذكر ظلمه ومثالبه، بل الواجب أن نقف معه أولاً، ثم نبين مثالبه، وننصحه. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، ثم إن الله يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يُدين الأستاذ محمد أيدين الصمت القانون الدولي وتواطؤه تجاه الجرائم المرتكبة في غزة، ويؤكد أن الاعتماد الأعمى على الدبلوماسية بات وهماً خطيراً في مواجهة عدو لا يعترف بأي قانون أو قيمة، ويحث تركيا على مراجعة مواقفها واستراتيجياتها بعيداً عن أوهام العدالة الدولية.
يسلط الأستاذ محمد كوكطاش الضوء على صمود الثورة الإسلامية الإيرانية منذ 1979 رغم التهديدات والعقوبات المستمرة، مؤكدًا أن الغرب راهن طويلًا على سقوطها، بينما الواقع يُظهر أن النظام لا يزال راسخًا، في وقت بدأ فيه الكيان الصهيوني يعاني من ارتباك وتراجع غير مسبوق.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا يستدعي وحدة دول المنطقة لمواجهته، ويشدّد على أن الوقت ضيق، والعمل المشترك هو السبيل الوحيد لتجنب كارثة وتهديدات أكبر.