الأستاذ محمد كوكطاش: الأجداد والأحفاد... دفء العائلة وروحها

يطرح الأستاذ محمد كوكطاش أهمية صلة الأحفاد بالأجداد، ويرى في انفصالهم خسارة إنسانية عميقة، رابطًا ذلك بما يعانيه أطفال غزة من فقدٍ أشدّ، حيث يُحرمون من دفء العائلة وأبسط معاني الطمأنينة.
كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقالاً جاء فيه:
في كل فرصة أجدها، سواء في حافلة أو مجلس عابر، أستغل اللحظة للحديث مع الأطفال والطلاب، وبعد تعارف بسيط، لا أتردد في سؤالهم: "هل لا يزال جدّاك على قيد الحياة"؟ سؤال يبدو بسيطًا، لكنه يحمل بين طياته شوقًا دفينًا وحنينًا كبيرًا.
ذلك أنني لم أرَ أيًّا من جدّيّ، وأدرك تمامًا ما يعني أن تكبر بلا ظلّ جدّ يربّت على كتفك، أو جدة تهمس بدعائها كل مساء، إن فَقْد الجدّين ليس أمرًا هامشيًا، بل هو نقص في المذاق الإنساني الدافئ للحياة.
ومن تجربتي، أرى أن من أعظم الخسارات التي نعيشها اليوم كأفراد ومجتمعات، هي افتراق الأجداد عن الأحفاد، وحرمان الطرفين من دفء العلاقة التي تمثل ربيعًا ثانيًا للأجداد، وذاكرة حية للأحفاد، فالأحفاد الذين يشبهون أبناءهم إلى حد كبير، ينعشون في نفوسهم لحظات الأمومة والأبوة من جديد، ولكن هذه المرة برضا وتجربة وبُعد نظر.
وقد لا يُدرك الأطفال – في لحظتهم الراهنة – هذا البعد، إلا أن غياب الجد أو الجدة عن حياتهم يبقى نقصًا روحيًا كبيرًا، ولعلهم لا يشعرون بثقله إلا لاحقًا.
أذكر مرة أنني تحدّثت إلى شاب متزوج له طفلان، فقلت له: "ما رأيك أن تُفاجئ والديك؟ انقل بيتك إلى جوارهم دون سابق إنذار، قل لهم: لقد جئنا لنعيش معكم، مَنْ مِن الوالدين سيرد أبناءه وأحفاده؟"
تفاجأ من اقتراحي، إذ لم يخطر بباله من قبل، فبدأت أشرح له – بعيدًا عن العاطفة – كم سيوفر من تكاليف السكن، والمواصلات، والمصروف اليومي، والأهم: أنه سيكون قد منح أولاده مربين ومحبين مجانًا، جد وجدة يحملان عنك كثيرًا من أعباء التربية والتعليم والرعاية.
صحيح أن هذا النمط من الحياة يبدو غريبًا أو صعبًا في ظل النظم الرأسمالية والعلمانية التي صُمّمت لإضعاف الأواصر الأسرية، لكن... ألسنا – نحن المسلمين – أصحاب مشروع مقاومة لهذه المنظومات المفروضة؟ أليست عودتنا إلى جوهر الأسرة واجبًا نؤمن به؟
قد يظن البعض أنني أبتعد عن هموم الأمة حين أطرح هذا الموضوع، لكن دعوني أقول: أنا أنظر إلى غزة من هذه الزاوية أيضًا.
فبينما يقارن الكثيرون بين خيرات موائدنا وحرمان موائدهم، أفكر أنا في أعماق الوجع أكثر: كم طفلًا في غزة لا يعرف طيف جده؟ كم جدًّا في غزة قُتِل حفيده قبل أن يراه؟ كم من العائلات لا تملك حتى ترف الحزن على جدٍّ أو جدة، لأنهم فقدوا الأم والأب والابن والبيت في قصفٍ واحد؟
نحن لا نشعر بقيمة النعمة إلا حين نُحرم منها، وفي كل صيف ونحن نسعى جاهدين لتشجيع أبنائنا على ارتياد المساجد وتعلّم القرآن، أفكر في أطفال غزة الذين لا يجدون مسجدًا آمنًا ولا حتى حضن أمٍّ أو جدّة.
نعم غزة تبكينا كل يوم، لكن ثمة دمعة أخرى صامتة، لا ننتبه لها: دمعة الجَدّ الذي لم ير حفيده، ودمعة الطفل الذي لم يعرف ما تعنيه كلمة "جدي".
اللهم عجل لهم بالفرج، واجمعهم بأحبّتهم، وأعد إليهم دفء الحياة... قبل أن ينسوه. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
دراسة حديثة تعزز تحذيرات ماسك: تراجع الخصوبة في أمريكا ينذر بانهيار سكاني يهدد مستقبل الحضارة.
يؤكد الأستاذ محمد علي كونول أن غزة الصغيرة تواجه أعتى ترسانات العالم بمعجزة إلهية لا يُدركها العدو، فالمقاومون يثبتون بإيمانهم وشجاعتهم رغم الحصار والقصف، ما جعل الاحتلال وحلفاءه عاجزين عن تحقيق النصر.
يفضح الأستاذ محمد سولمز صمت العالم أمام المجازر في غزة، حيث يُقصف التعليم وتُدفن الطفولة تحت الأنقاض، ويؤكد أن أطفال غزة لا يتعلمون القراءة فقط، بل يتعلمون الصمود والحياة ببركة: "حسبنا الله ونعم الوكيل".