الأستاذ حسن ساباز: غزة تموت جوعاً

يسلط الأستاذ حسن ساباز الضوء على حجم الكارثة الإنسانية في غزة، حيث قتل أكثر من 100 ألف شخص تحت الحصار والجوع، وتحولت المساعدات إلى فخاخ موت، رغم ذلك تظل غزة صامدة تقاوم بكرامة في وجه ظلم واحتلال لا مثيل له.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
بحسب منظمات مستقلة، تجاوز عدد الشهداء في مجازر الإبادة المستمرة في غزة منذ عشرين شهرًا حاجز الـ100 ألف، وهو ما يعادل تقريبًا 5% من عدد السكان، هذا الرقم الصادم يعبّر عن واقع لم يشهد له التاريخ مثيلًا، من حيث حجم الكارثة وامتدادها الزمني والجغرافي.
بعد ثلاثة أشهر بلغ فيها الجوع ذروته، وسط حالات موت بسبب الجوع وانعدام مياه الشرب، تحوّلت حتى المساعدات الغذائية – التي يُفترض أن تكون طوق نجاة – إلى مصائد موت، كما وصفها ممثل وكالة الأونروا.
يسير الناس مسافات طويلة في رحلة محفوفة بالمخاطر، فقط من أجل حفنة دقيق، فيُقابلون بوابل من الرصاص من قناصة الاحتلال، أو صواريخ تُطلق من الطائرات المروحية والمسيرة، أو قذائف دبابات تصطادهم على الطريق نحو "مراكز التوزيع".
تروي قصة أحمد ياسين، البالغ من العمر 35 عامًا، أحد هذه النماذج الإنسانية المؤلمة، سعى الرجل للحصول على طعام لأطفاله السبعة وزوجته المصابة بالسرطان، فقرر قطع 40 كيلومترًا من غزة إلى رفح سيرًا على الأقدام.
قال ياسين:
"وصلنا إلى رفح بعد 10 ساعات من المشي، كل شيء كان طبيعيًا حتى بدأنا نقترب من منطقة المساعدات، وتحديدًا على بعد 3 كيلومترات منها، كان علينا السير بين أنقاض المنازل المدمرة، وهناك بدأ جنود الاحتلال بإطلاق النار علينا بشكل متقطع، اضطررنا للركض والانبطاح مرارًا حتى اقتربنا من المركز."
تابع:
"وصلنا عند الساعة 1:50 فجرًا، لنتفاجأ بأرض مساحتها نحو 1000 متر مربع محاطة بسواتر رملية وأسلاك شائكة، لا مدخل لها سوى ممر ضيق طويل، واصل الاحتلال إطلاق النار من حولنا، وكل دقيقتين يسقط قتيل أو جريح."
ثم أضاف:
"في تمام الساعة الثانية صباحًا، سمعنا صوتًا يصدر من مكبرات صوت، لم نعرف مصدره، لكنه رافقه ضوء أخضر يأمرنا بالتقدم لاستلام المساعدات، فبدأ الجميع بالاندفاع في ظلمة شديدة، كان الناس يهيمون من الجوع، وكان العدد كبيرًا؛ نحو 50 ألف شخص جاءوا طلبًا للطعام، بينما لم يكن هناك سوى 500 طرد فقط."
"بعد عشر دقائق، أضيء ضوء أصفر، وتلاه صوت ينذرنا بمغادرة المنطقة خلال خمس دقائق بسرعة بدأ الجميع بالهرب، وبعد خمس دقائق، أطلق ضوء أحمر وبدأ إطلاق النار من جميع الاتجاهات، الناس ركضوا كما لم يركضوا من قبل، والكثير منهم اضطر إلى رمي المساعدات التي حصل عليها ليتمكن من التسلق والهرب عبر السواتر."
سقط ياسين بين الأسلاك الشائكة، جُرح وعاد خالي الوفاض، لم يحصل على شيء لأطفاله، وعاد بخيبة الأمل والدماء.
القصة لا تقف عند ياسين، فـ"عماد سرسور" وشقيقه "بلال" عاشا التجربة ذاتها، بينما كان بلال يحاول الابتعاد وسط الركام أصيب بشظية، أما كلمات ابنة عماد ذات الأربع سنوات فكانت مؤلمة تختصر وجع غزة:
"أنا سعيدة أن أبي عاد جريحًا وليس ميتًا، لا أريد من أبي أن يأخذ مساعدات من الأمريكيين، أفضل أن أموت جوعًا."
غزة المدينة الواقعة على البحر المتوسط، تضم نحو مليونين من البشر، هؤلاء لا يعيشون فقط تحت الحصار، بل يُدفنون أحياءً تحت الأنقاض أو في الطوابير أو في قوارب النجاة التي تحولت إلى أفخاخ.
في المقابل، هناك مليارات من البشر يواصلون حياتهم بلا اكتراث.
بينما يناقش البعض التضخم والفساد، ويتغنّى آخرون بقوة صناعاتهم العسكرية، فإن الحقيقة هناك أكثر فظاعة: الشيطان قد تجسّد، ولبس ثوبًا يهوديًا، ووضع حبوبًا مخدّرة داخل أكياس الطحين التي يتقاتل الناس للحصول عليها.
رغم الجوع، تقاوم غزة، رغم الدمار، تظل صامدة، رغم خذلان العالم، تقاتل أشرف معركة عرفها العصر الحديث، تقف وحيدة في وجه أكثر الكائنات خسةً، وتقدّم في كل يوم ملحمة جديدة من الكرامة مقابل القذارة، والإنسانية مقابل الوحشية.
غزة تموت، لكنها تموت واقفة. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
اعتبر الأستاذ نشأت توتار إعلان عام 2025 "عام الأسرة" خطوة إيجابية تعبّر عن إدراك الدولة لحجم التهديدات التي تواجه الأسرة، لكنه شدد على أن تحقيق الأثر الفعلي يتطلب إصلاحات عميقة في السياسات الإعلامية والثقافية والتعليمية، تعزز القيم الأصيلة وتصون كيان الأسرة من التآكل والانهيار.
دراسة حديثة تعزز تحذيرات ماسك: تراجع الخصوبة في أمريكا ينذر بانهيار سكاني يهدد مستقبل الحضارة.
يؤكد الأستاذ محمد علي كونول أن غزة الصغيرة تواجه أعتى ترسانات العالم بمعجزة إلهية لا يُدركها العدو، فالمقاومون يثبتون بإيمانهم وشجاعتهم رغم الحصار والقصف، ما جعل الاحتلال وحلفاءه عاجزين عن تحقيق النصر.