تُضعف العطور ومرطبات الجسم سحابة الأكسدة الطبيعية التي تحمي بشرتنا وتنقّي الهواء من السموم، فهل نضحي بالحماية من أجل الرائحة؟

تُعد العطور ومرطبات الجسم المعطرة من أساسيات الروتين اليومي لكثير من الناس، فهي تمنح الشعور بالنظافة والانتعاش، وتعكس أحيانًا جزءًا من الهوية الشخصية، لكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن هذه المنتجات قد تكون لها آثار جانبية خفية على صحتنا، كما كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Science Advances.

بحسب الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا ومعهد ماكس بلانك للفيزياء، فإن الجلد البشري محاط بسحابة غير مرئية تُعرف باسم "مجال الأكسدة"، وهي بمثابة درع طبيعي يساهم في تنقية الهواء من الملوثات عبر تفاعل الأوزون مع الزيوت الطبيعية الموجودة على سطح الجلد، مثل "السكوالين"، هذا التفاعل ينتج جزيئات نشطة تُسمى "جذور الهيدروكسيل"، التي تُعرف بقدرتها العالية على تحييد السموم والملوثات، حتى سُميت بـ"منظفات الجو".

المثير للقلق أن الباحثين وجدوا أن استخدام العطور ومرطبات الجسم يؤدي إلى تدمير هذه السحابة الواقية. فخلال التجربة التي أُجريت على أربعة متطوعين، تبيّن أن العطور قلّلت من فعالية السحابة بنسبة 86%، في حين خفّضت مرطبات الجسم المعطرة هذه النسبة بـ34%. هذا التدهور قد يؤثر على صحة الجهاز التنفسي، ويزيد من الالتهابات، ويضعف الدفاعات البيولوجية الطبيعية للجسم.

وبالرغم من أن العطور في حد ذاتها ليست سامة، فإن تفاعلها مع الجلد قد يعطّل الفوائد الوقائية التي توفرها هذه السحابة. كما أن دراسات سابقة ربطت بين استخدام العطور وبعض المشاكل الصحية مثل الصداع، الربو، الطفح الجلدي، التهاب الجيوب الأنفية، والأكزيما. بل إن إحدى الدراسات البريطانية حذّرت من أن وضع العطور مباشرة على الجلد قد يؤدي إلى ظهور بقع داكنة يصعب التخلص منها إلا عبر العلاج بالليزر.

في ضوء هذه النتائج، قد يكون من المفيد إعادة النظر في طريقة استخدامنا للعطور ومنتجات العناية المعطرة، والبحث عن بدائل طبيعية أو غير معطرة، لا سيما لمن يعانون من مشكلات تنفسية أو جلدية.

فالجمال والنظافة مهمان بلا شك، لكن لا ينبغي أن يكونا على حساب الصحة. (İLKHA)