الأستاذ محمد كوكطاش: من يدفع ثمن غضبنا؟

يتأمل الأستاذ محمد كوكطاش في سلوكنا الإنساني اليومي، متسائلًا: لماذا نفرغ غضبنا على من نملك السيطرة عليهم بدلًا من مواجهته في من يستحقه؟ وكيف يتحوّل ضعفنا أمام الظالم إلى ظلم جديد نمارسه بحق الأبرياء؟
كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقالاً جاء فيه:
في تفاصيل الحياة اليومية، حين تضيق بنا الأمور وتخرج عن سيطرتنا، نميل من حيث لا نشعر إلى تفريغ انفعالاتنا في غير مواضعها، نوجّه الغضب إلى من لا ذنب له، ونبدأ غالبًا بأقرب الناس إلينا، والسبب؟ لأننا لا نملك الشجاعة لمواجهة من سبب لنا الأذى، فنصبّ غضبنا على من نقدر عليهم، لا على من يستحقونه.
كم من مرة عجز أحدنا عن مواجهة شريك حياته في موقفٍ ما، فحمّل أطفاله عبء الغضب؟ وكم من مرة انعكس الأمر، فتحول الغضب المكبوت تجاه الأبناء – حين صاروا عصيين على التوجيه – إلى الزوج أو الزوجة؟
في مثل هذه الحالات، نبحث عن متنفس للغضب، ويدرك أفراد الأسرة هذا النمط السلوكي سريعًا، فيتجنبون المواجهة، ويبتعدون عنا في لحظات الانفعال.
في أوساط أخرى، الجنود يعرفون هذا السلوك جيدًا؛ فحين يثور عليهم أحد الضباط ويُفرغ فيهم سخطه، يهمسون: "لا بد أن في البيت مشكلة لم يستطع حلّها، فجاء ليفرغها علينا"، هذا التفسير الشعبي البسيط ينطوي على حكمة كبيرة: الغضب الموجّه في غير موضعه ظلم، وإن بدا مبررًا.
لكن الأسوأ من ذلك، هو أن نصمت أمام من يستحق أن نغضب عليه، ونوجّه ردّات فعلنا نحو أطراف أخرى، هذا الصمت يغذي الظلم، ويجعله يتمادى، ويجعلنا نحن شركاء في الإثم، وما أفظع الأمر حين يكون هذا السلوك من مسؤول أو صاحب سلطة، حينها لا يدفع ثمنه الأفراد فحسب، بل المجتمع بأسره.
اليوم ونحن نشهد المجازر الصهيونية تتوالى، ونعجز عن إيقافها، نبحث عن بدائل وهمية لصرف الغضب. نضخّم الأخطاء الصغيرة، نحمّل الآخرين مسؤولية لا علاقة لهم بها، ونخترع خصومًا نوجّه إليهم الاتهام… كل ذلك لأننا لا نملك الجرأة على مواجهة المجرم الحقيقي.
أتذكر أن أحدهم اتصل بي يومًا، يسأل بثقة:
"يا شيخ، في منطقتي أتباع للطاغوت، كيف أواجههم؟"
فأجبته بهدوء: "واجه الطاغوت نفسه، لمَ تحارب أتباعه؟ لم تختار السهل وتتجاهل أصل المشكلة؟"
حين نُسقِط ضعفنا على الأبرياء، ونُلصق بهم تهمًا كبرى كـ"العمالة" أو "التبعية"، فقط لأنهم الحلقة الأضعف، نكون قد ارتكبنا جريمة أخلاقية لا تقل خطرًا عن تقاعسنا في مواجهة الظلم الأصلي.
في الوقت الذي يُنتظر منا أن نقف صفًا واحدًا ضد مجرمي الحرب الحقيقيين – الصهاينة الذين ينفذون إبادة جماعية ممنهجة – نجد بعضنا ينشغل بتصفية الحسابات الصغيرة، وتفريغ الغضب في الداخل، ظنًا منه أن ذلك نوع من البطولة.
لكن الحقيقة أن العدالة لا تتجزأ، والمواقف الرجولية لا تعرف التبرير والالتفاف.
فلنوجّه غضبنا إلى موضعه الصحيح، لأننا إن لم نفعل، سنكون جزءًا من المشكلة لا من الحل.
جمعة مباركة على الجميع. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن العدالة تقتضي مراعاة قدرات الأفراد لا المساواة الشكلية، وأن ذوي الإعاقة جزء أصيل في البناء المجتمعي إذا ما توفرت لهم بيئة دامجة وعادلة، كما يشدد على أن الإرادة التي تتكئ على الإيمان والتمكين يمكنها أن تتجاوز كل الحواجز.
سلط الأستاذ حسن ساباز الضوء على زيارة ترامب الأخيرة حيث كشفت هشاشة المواقف العربية مقابل تصاعد هيمنة التحالف الأمريكي الصهيوني، فيما قدّم النموذج اليمني درسًا استثنائيًا في كيفية كسر سياسات الردع الأمريكية عبر مقاومة صلبة ترسم حدود القوة من جديد.
سلط الأستاذ يحيى أوراش على أهمية الشباب الذين يشكلون نواة المستقبل ونهضة الأمة، وبيّن أن قيمتهم تُصاغ بالإيمان والهوية والوعي، لا بتقليد الغرب والانفصال عن الجذور.