كيف تتحول التقنيات اليومية إلى سلاح بيد الكيان الصهيوني؟
تُسوَّق تطبيقات المراسلة وأنظمة الملاحة وبرمجيات المراقبة على أنها “مدنية”… هكذا يبني الكيان الصهيوني عقيدته الأمنية الحديثة، القائمة على تحويل أدوات الحياة اليومية إلى وسائل حرب. وتُختبر هذه التقنيات أولًا على الأرض الفلسطينية، قبل تسويقها عالميًا بوصفها "حلولًا ذكية".
أعاد التصعيد الأخير بين إيران والكيان الصهيوني، المعروف إعلاميًا بـ"حرب الأيام الـ12"، تسليط الضوء ليس فقط على موازين القوى العسكرية، بل على أدوات الحرب الحديثة وأساليبها غير التقليدية.
ففي الساعات الأولى من المواجهة، نُفذت ضربات جوية دقيقة استهدفت طهران، وطالت قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني والجيش، من بينهم القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي ورئيس الأركان محمد باقري، إلى جانب عدد من كبار الضباط والعلماء النوويين. وأدى ذلك إلى فراغ قيادي مؤقت داخل البنية العسكرية الإيرانية، ما أبطأ، وفق تحليلات عدة، آليات اتخاذ القرار خلال اليومين الأولين من المواجهة.
غير أن العنصر الأبرز لم يكن في البعد العسكري المباشر، بل في الطريقة التي تمكن بها الكيان الصهيوني من تحديد الأهداف بهذه الدقة، عبر توظيف تقنيات تُصنَّف عادة ضمن الاستخدام المدني.
تطبيقات المراسلة والهواتف الذكية وأنظمة الملاحة
تشير تقارير إيرانية إلى أن بعض عمليات الاغتيال نُفذت عبر تتبع الهواتف المحمولة. فعلى الرغم من أن تطبيقات المراسلة تُسوَّق على أنها مشفرة من الطرف إلى الطرف، إلا أن البيانات الوصفية (Meta Data) مثل الموقع الجغرافي، والوقت، وهوية المرسل والمتلقي، وكثافة التواصل، تبقى مكشوفة، ما يتيح لأجهزة الاستخبارات رسم خرائط دقيقة لحركة الأشخاص وعلاقاتهم.
ومع استخدام برمجيات تجسس متقدمة مثل بيغاسوس، يمكن اختراق الهواتف مباشرة، لتتحول الأجهزة الذكية إلى أدوات تكشف أدق تفاصيل حياة أصحابها.
GPS… ساحة حرب أخرى
برزت أنظمة تحديد المواقع (GPS) كجبهة إضافية في هذا النوع من الحروب، فقد أظهرت الوقائع أن تقنيات التشويش والتضليل أدت إلى انحراف بعض الصواريخ الإيرانية عن مسارها، في حين وصلت صواريخ أخرى ذات قدرة تدميرية عالية إلى مناطق محتلة، ما أكد أن التفوق التكنولوجي لا يمنح سيطرة مطلقة، لكنه يؤثر بعمق في البنى المدنية.
ولم تقتصر التداعيات على الجانب العسكري؛ ففي 15 حزيران، اصطدمت ناقلة نفط تُدعى "Front Eagle" قرب مضيق هرمز بناقلة أخرى بسبب تضارب إشارات الموقع، ما أدى إلى اندلاع حريق، كما أبلغت مئات السفن والطائرات خلال الفترة ذاتها عن اضطرابات مماثلة في بيانات تحديد المواقع.
فلسطين… مختبر الحرب الحديثة
يعكس ذلك فلسفة أمنية عمل الكيان الصهيوني على ترسيخها منذ سنوات، تقوم على طمس الحدود بين المدني والعسكري، وتحويل أدوات الحياة اليومية إلى جزء من منظومة الحرب، ولم يكن ميدان التجربة الأول إيران، بل الأراضي الفلسطينية.
في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، طُبّقت تدريجيًا أنظمة مراقبة متطورة، وبرمجيات تحليل فيديو، وتقنيات التعرف على الوجوه، والطائرات المسيّرة. وبعد اختبارها على الفلسطينيين، جرى تسويقها عالميًا على أنها تقنيات "مجرَّبة وفعالة".
تقنيات مزدوجة الاستخدام… بلا رقابة حقيقية
يبرز هنا مفهوم "التقنيات مزدوجة الاستخدام"، القابلة للتوظيف المدني والعسكري في آن واحد، من أنظمة الاتصال إلى التعرف على الوجوه والطائرات المسيّرة والبنى التحتية للملاحة. ورغم وجود اتفاقية واسنار الهادفة إلى تنظيم تصدير هذه التقنيات، فإن الكيان الصهيوني ليس طرفًا فيها، ويعتمد بدلًا من ذلك على آليات رقابة وطنية محدودة.
وبهذا، تُصدَّر برمجيات التعرف على الوجوه وتحليل الفيديو باعتبارها أدوات مدنية، بينما يُعاد تسويق التقنيات المستخدمة في السيطرة على الفلسطينيين كحلول لإدارة المرور أو “الأمن العام” في مدن غربية، في ما يُعرف بظاهرة “غسل الغاية”؛ أي تقديم أدوات القمع في صورة تقنيات بريئة.
من القدس إلى العالم
ومن الأمثلة البارزة، أنظمة تحليل الفيديو المستخدمة في القدس ضد الفلسطينيين، والتي أعيد تسويقها عالميًا ضمن مفهوم "المدن الذكية". فالتقنية ذاتها التي تُستخدم للمراقبة اللحظية في الأحياء المحتلة، تُعرض في الغرب كأداة لمكافحة الجريمة أو إدارة الحشود.
كذلك حوّلت أنظمة التعرف على الوجوه المعروفة باسم "الذئب الأزرق" و"الذئب الأحمر" الفلسطينيين إلى قاعدة بيانات بيومترية ضخمة، حيث يلتقط الجنود صورًا للأشخاص ليحصلوا فورًا على تعليمات: "مرّ"، "أوقف"، أو "اعتقل"، وهكذا، نشأت سجون رقمية موازية للجدران والحواجز العسكرية.
جوهر واحد مهما تغيّر الاسم
وبما أن هذه التقنيات لا تُصنَّف دوليًا كأسلحة محظورة، فإن تصديرها يتم بسهولة. غير أن منظمات حقوق الإنسان تحذر من إمكانية استخدامها في دول أخرى ضد المعارضين والناشطين.
ويستخدم الكيان الصهيوني وشركاته لغة تسويقية ناعمة مثل "الأمن الذكي" و"إدارة الحشود" و"الصحة العامة"، لإعادة تسمية أدوات المراقبة. لكن، رغم تغيّر المصطلحات، يبقى الجوهر واحدًا.
وفي المحصلة، فإن التقنيات الرقمية التي طُوّرت واختُبرت على الأرض الفلسطينية تُقدَّم اليوم للعالم كحلول مبتكرة، بينما يحمل حمضها الوراثي سمات واضحة: الاحتلال، السيطرة، والقمع. حقيقة تتكشف أكثر فأكثر، مهما حاولت الخطابات التسويقية إخفاءها. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
أجرت إيران تجارب صاروخية في عدة مناطق بالبلاد، من بينها في مدن خرم آباد ومهاباد وأصفهان وطهران ومشهد؛ بحسب ما وأوردت وكالة أنباء "فارس".
حذّرت منظمة أطباء بلا حدود، اليوم الاثنين، من تداعيات إجراءات إسرائيلية جديدة تتعلق بتسجيل المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، مؤكدة أن هذه الخطوات من شأنها تعريض العمل الإنساني للخطر وحرمان مئات آلاف الفلسطينيين من الوصول إلى الرعاية الصحية المنقذة للحياة.
نفذت مديرية الأمن الداخلي السوري في مدينة البوكمال بريف دير الزور عملية مداهمة محكمة لأحد المنازل، أسفرت عن ضبط صواريخ من نوع "سام-7"، كانت معدة للتهريب خارج البلاد.
أثار منشور نُشر على الحساب الرسمي لـحزب الشعب النمساوي (ÖVP) على مواقع التواصل الاجتماعي، واستهدف المسلمين، جدلًا سياسيًا واسعًا في البلاد، حيث قوبل بانتقادات حادة من شركاء الحزب في الائتلاف الحاكم ومن أحزاب المعارضة.