الأستاذ حسن ساباز: الخيانة

يسلط الأستاذ حسن ساباز الضوء على الوضع الإنساني والسياسي في غزة، مستعرضًا المواقف الدولية والإقليمية المختلفة، ومبرزًا الخيانات التي تعصف بالأمة الإسلامية، في مقابل صمود الشعب الفلسطيني البطولي الذي يشكل رمزًا للكرامة والمقاومة.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
بعد قرار زعيم العصابة الصهيونية نتنياهو بالسماح بدخول شاحنات الغذاء إلى غزة، تولدت بعض البشائر التي أشعلت شرارة أملٍ خافتٍ لدى البعض بوقف المذبحة الوحشية والإبادة الجماعية، لكن ما إن حاول ترامب في زيارته للشرق الأوسط أن يعزّز هذا الأمل، حتى تكشّف لنا الواقع القاسي بأن أمريكا تدعم سياسة إسرائيل بلا أي تغيير، رغم تصريحات مثيرة في الكونغرس تدعو إلى قصف غزة بالسلاح النووي، مما يؤكد أن المسألة أعمق من مجرد جهود وساطة، بل هي لعبة مصالح دولية معقدة.
وهنا يكمن جوهر المشكلة، إذ ليست القضية فقط في سياسة الاحتلال الصهيوني، بل في اتساع دائرة الغضب العالمي التي لم تقتصر على الدول الإسلامية فقط، بل امتدت إلى دول كبرى في أوروبا والعالم مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، التي بدأت تصدر تصريحات تُطالب بفرض عقوبات على هذا النظام الإجرامي، وهذا التحول في الخطاب السياسي، رغم أهميته لا يعكس تحولاً إنسانياً حقيقياً بقدر ما هو نتيجة لتغير المصالح والأجواء السياسية الدولية.
في هذا السياق، استمر شركاء الائتلاف الصهيوني في إثارة الرعب والدمار، إذ أضفى حضور قادة من ذوي النفوس المجرمة مثل سموتريتش وبن غفير وكاتس مزيداً من الجرأة على نتنياهو لمواصلة ارتكاب الجرائم، غير أن الضغوط الدولية المتزايدة، وخصوصاً التهديدات بالعقوبات واغتيال دبلوماسيين في أمريكا، أظهرت أن هذا القاتل لا يزال يخشى المحاسبة، مما يعكس هشاشة وضعه السياسي وسط أعدائه.
ومع ذلك فإن الوضع داخل العالم الإسلامي لا يبعث على التفاؤل، حيث بدأ صداه يتراجع بشكل مقلق وسط أجواء من الاستسلام والتخاذل، فقد تأثرت جهود المقاطعة في تركيا بعوامل سياسية داخلية للكماليين اليساريين، كما ساهم دعم بعض وسائل الإعلام والنظام في ترويج مواد تلفزيونية تدعم الاحتلال بشكل علني، مما يعكس حالة انفصال عن الواقع المأساوي ويكشف عن طمع مادي ملوث بدماء الأطفال الفلسطينيين.
وفي الوقت الذي تشهد فيه الساحة الداخلية هذا التراجع، يأتي القمع الأمني الصارم ضد المحتجين ليزيد من تعقيد المشهد، إذ يتناقض ذلك مع استمرار الرئيس أردوغان في إدانة الاحتلال، مما يخلق حالة من التناقض السياسي والإعلامي تثير التساؤلات حول المواقف الحقيقية للدول والمنظمات.
ولكي نفهم عمق الأزمة، لا بد من التساؤل: هل تتعلق القضية بالمصالح الوطنية فقط، أم أن التمويلات الصهيونية تتحكم في الخطاب والسياسات؟ هذا السؤال لا يزال مطروحاً بقوة، وينتظر أن يتكشف مع مرور الزمن.
والأمر المقلق أكثر، هو وجود خيانات واضحة داخل بعض الدول الإسلامية، كما ظهر جلياً في تعاون الجيش المغربي مع مجرمي الاحتلال في تدريبات مشتركة، مما يعكس بُعداً مظلماً لهذه الأزمة ويفتح باباً للنقاش حول الولاءات والتوجهات الحقيقية.
كل ذلك يحدث في ظل استمرار معاناة أطفال غزة الذين يحترقون في الخيام، وفي ظل انتشار الجوع والموت، لتتضح الحقيقة مرة أخرى: أن هناك من بين المسلمين من ساهم بطريقة أو بأخرى في قمع وقتل إخوانهم، مما يضاعف أوجاع الأمة ويزيد من مأساة أهل غزة.
ومع كل هذه المآسي والخيانات، يبقى الشعب الفلسطيني في غزة وحده من خرج من هذا الامتحان العظيم برأس مرفوع، مدافعًا عن كرامته وشرفه في وجه أعتى وأشنع آلة قتل في التاريخ الحديث، شاهداً على قوة الإرادة وعظمة الصمود وسط العواصف العاتية. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.