الأمم المتحدة على حافة النهاية… النظام الدولي بين الانهيار الكبير والميلاد الجديد

أكد الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية في مقال له، أن العالم يقف عند منعطف تاريخي خطير مع تصاعد التوترات الدولية وتآكل مؤسسات النظام الأممي الذي تأسس عام 1945. وبين شبح الانهيار الشامل واحتمال ولادة نظام عالمي جديد، يبقى السؤال: هل يمتلك العرب والمسلمون القدرة على صياغة موقعهم في معادلات المستقبل؟
جاء في مققال للأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، مايلي:
لم يعد المشهد في قاعة الأمم المتحدة مشهدًا روتينيًا كما اعتادت البشرية على مدى عقود. هذه المرة لم يكن مجرد كلمات بروتوكولية أو مواقف دبلوماسية باهتة، بل بدا وكأننا أمام جلسة وداعية لمؤسسة دولية عاشت ثمانية عقود وهي تحمل على عاتقها شعار حفظ السلم والأمن الدوليين. تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي دعا فيها الناتو لإسقاط الطائرات الروسية حال دخولها أجواء الحلف، لم تكن مجرد زلة لسان، بل كانت إشارة خطيرة إلى تفكك النظام الدولي، وإلى أن العالم يقترب من لحظة فاصلة بين نظام يحتضر وآخر لم يولد بعد.
لقد شُيّد النظام الدولي الحالي على أنقاض الحرب العالمية الثانية سنة 1945، حين اجتمع المنتصرون ليصوغوا قواعد اللعبة وفق موازين القوى آنذاك. فجاءت الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وحلف الناتو كأدوات لضبط التوازن ومنع الانفجار الشامل. لكن هذا النظام، منذ ولادته، حمل في داخله بذور ضعفه، لأنه تأسس على هيمنة القوى الكبرى وإقصاء الأغلبية من الشعوب والدول. ومع مرور الزمن، تحوّل مجلس الأمن إلى ساحة للفيتو المعطل بدل أن يكون أداة للحلول، وأصبح الناتو مظلة تستعملها واشنطن لفرض سياساتها أكثر مما هو تحالف دفاعي حقيقي.
اليوم، ومع كل تصريح متهور على منابر الأمم المتحدة، يتضح أن هذا البناء يتداعى. الحرب في أوكرانيا فجّرت التناقضات بين القوى العظمى، وأظهرت هشاشة وحدة الغرب. في آسيا، الصعود الصيني يغير معادلات القوة الاقتصادية والعسكرية، ويفتح جبهة جديدة للتوتر في المحيط الهادئ. وفي الشرق الأوسط، تشتعل الاصطفافات على وقع حرب غزة، حيث تتواجه واشنطن وموسكو وطهران وأنقرة في مشهد معقد يُنذر بمزيد من التفكك.
ضمن هذا السياق، جاء خطاب ترامب ليُجسّد ذروة العبث؛ فمن فوق منبر الأمم المتحدة، الذي أُنشئ ليكون مظلة للحوار، انطلقت دعوة صريحة لإسقاط الطائرات الروسية، أي لإشعال مواجهة مباشرة بين كتلتين نوويتين. وهكذا تحوّلت الأمم المتحدة من مؤسسة ضابطة للأزمات إلى منصة استعراض شخصي، حيث تُطلق التهديدات كأنها شعارات انتخابية، لا قرارات ترسم مستقبل البشرية.
نحن إذن أمام مفترق طرق تاريخي. فإما أن ينزلق العالم إلى الانهيار الكبير، حيث ينهدم النظام الأممي ويُترك مصير الشعوب لسطوة القوة العارية، أو أن يكون هذا الانهيار مجرد مخاض عسير لميلاد نظام عالمي جديد، أكثر عدلًا وتوازنًا، يفرض نفسه بعد أن تتهاوى ركائز النظام القديم. والتاريخ يخبرنا أن كل نظام يولد عادةً من رحم أزمة كبرى أو حرب مدمرة، لا من جلسات هادئة ولا خطابات مجاملة.
اليقين الوحيد أن العالم بعد هذه الدورة للأمم المتحدة لن يكون كما كان قبلها. فما بين حافة النهاية وبوابة الميلاد الجديد، تقف البشرية اليوم أمام سؤال وجودي: أي مستقبل سيصنعه هذا الانهيار؟ وأي عالم سيرث رماد النظام الدولي بعد سقوطه؟
وبرأيكم أنتم: هل يسير العالم نحو انهيار شامل يفتح أبواب الفوضى، أم أننا نعيش مقدمات ولادة نظام عالمي جديد سيغيّر موازين القوى من جذورها؟ وهنا يبرز السؤال الأشد إلحاحًا: أين موقع العرب والمسلمين مما يحدث؟ هل سنظل متفرجين على موائد الآخرين، أم سننهض لنصوغ مستقبلنا بأيدينا؟ إن العالم لا يحترم إلا الأقوياء، ومن لا يمتلك عناصر القوة والإرادة يصبح مجرد رقم هامشي في معادلات الكبار.
خلاصة:
العالم يقف على حافة تحوّل تاريخي؛ إمّا انهيار شامل للنظام الأممي الذي تأسس عام 1945، أو ميلاد نظام جديد يولد من رحم الأزمات. والسؤال: هل يملك العرب والمسلمون شجاعة الحضور في صناعة المستقبل، أم يكتفون بدور المتفرجين؟. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ محمد كوكطاش أن الحرب مع الصهيونية أحادية الجانب، إذ لا يواجهها سوى الشعوب والمجتمع المدني فيما تقف الحكومات ضد شعوبها، ويرى أن هذا الصراع تجاوز غزة ليصبح معركة عالمية ستحدد ملامح النظام الدولي القادم.
يؤكد الأستاذ سعد ياسين أن غزة لن تكون لقمة سهلة، وأن مجاهديها مستعدون بالاستشهاديين والمتفجرات لتكبيد العدو خسائر جسيمة وأسرى جدد.
يحذر الأستاذ محمد كوكطاش من عودة الطموحات الأمريكية إلى أفغانستان ويصف تحركات ترامب بأنها رد فعل على مرارة الهزيمة السابقة.