يؤكد الأستاذ محمد كوكطاش على أهمية التلاوة المستمرة للقرآن في شهر رمضان وفي الحياة عمومًا، موضحًا أنها ليست مجرد قراءة، بل عبادة تحتاج إلى المواظبة والتدبر، ويشير إلى أن التكرار يكشف معاني جديدة ويزيد الإيمان، داعيًا الجميع للتأمل في مدى تأثير القرآن على حياتهم.

كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقالاً جاء فيه:

نحن في شهر القرآن، في شهر رمضان المبارك، الشهر الذي شُرّف بنزول كلام الله فيه، وقد بلغنا منتصفه، وقبل أن يمضي علينا، يجدر بنا أن نتأمل في علاقتنا بالقرآن ونعمّق فهمنا لموقعه في حياتنا.

لدينا التزام جوهري تجاه القرآن، وهو تلاوته الدائمة، نقوم بذلك من خلال الختمات أو المقابلات، ولكن ما ينبغي أن نضعه نصب أعيننا هو أن التلاوة ليست مجرد قراءة عابرة، بل عبادة تتطلب الاستمرارية والمواظبة، فكما أن الصلاة لا تُؤدى مرة واحدة ثم تُترك، كذلك تلاوة القرآن ينبغي أن تكون دائمة ومتواصلة، ولذلك، لا ينبغي أن نتعامل معها كما نتعامل مع الكتب الأخرى، حيث نقول: "لقد قرأته، ولا حاجة لإعادته."

يقول الله تعالى:
"اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ )..." (العنكبوت ): 45

ويقول سبحانه:
"إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ)" فاطر): 29

إذن، لا يقتصر الأمر على كونها عبادة، بل إن تلاوة القرآن المستمرة شرطٌ ليفتح لنا القرآن معانيه وأسراره.

كلما أعدنا تلاوة القرآن وتدبرنا آياته، تكشفت لنا معانٍ جديدة، حتى وإن كنا قد قرأنا السورة ذاتها مرارًا، فهناك دائمًا عمق جديد وحكمة مستترة تتجلى في وقتها المناسب، وأحيانًا يكون هذا الإدراك عبر قراءتنا لأعمال العلماء والمفسرين أو عبر الاستماع إلى دراسات حوله، لكن الجوهر يبقى واحدًا: التدبر المستمر في كلام الله.

وهذا التدبر له أثر عميق في القلوب، إذ يزيد الإيمان ويملؤها نورًا ويقينًا

"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" (الأنفال): 2

لننظر إلى أنفسنا بصدق: إلى أي مدى فتح لنا القرآن خزائنه؟
وما الذي يمكننا أن نقوله لمن حولنا بعد رحلة من التلاوة والتدبر؟ هل أصبح لنا في القرآن كلامٌ نعبّر به، وفكرٌ ننقله، ونورٌ نهتدي به ونهدي غيرنا إليه؟

بهذه التأملات، أبارك للجميع يوم الجمعة، وأسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته. (İLKHA)