أكّد أستاذ الفقه الإسلامي في جامعة ماردين أرتوكلو، الدكتور وصفي عاشور أبو زيد، في تصريح له حول المسار الممتد من سفينة "مافي مرمرة" إلى سفينة "مادلين"، أن "حركة هذه السفن والقوافل تُحيي مفهوم الأمة الواحدة، وتمثل موقفًا نبيلًا تجاه الإنسانية التي تتألم في غزة".

تستمر المبادرات الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، في محاولة لكسر الحصار الذي يفرضه الكيان المحتل على القطاع.

وأشار أستاذ الفقه الإسلامي في جامعة ماردين أرتوكلو، الدكتور وصفي عاشور أبو زيد، إلى الأهمية الرمزية والوجدانية للسفن التي تحمل المساعدات الإنسانية إلى غزة.

واستذكر أبو زيد الهجوم على سفينة مافي مرمرة عام 2010، قائلًا: "بعد مرور ثلاث سنوات على فرض الحصار على قطاع غزة، بادر نشطاء أصحاب ضمائر حية من مختلف أنحاء العالم بإطلاق مبادرة مساعدات تحت اسم 'أسطول الحرية'. وكانت السفينة الأبرز في هذا الأسطول هي 'مافي مرمرة'. استهدفت هذه المبادرة عام 2010 كسر الحصار المفروض منذ عام 2007. إلا أنه في نهاية شهر أيار/ مايو، وقع ما يُعرف بـ'مجزرة أسطول الحرية'. حيث أطلقت قوات الاحتلال على هذا الهجوم اسم 'نسيم البحر' أو 'رياح السماء'. وفي صباح 31 أيار/ مايو 2010، نفذت القوات الخاصة البحرية الإسرائيلية هجومًا دمويًا على مافي مرمرة، التي كانت في المياه الدولية وتحمل 581 ناشطًا من دعاة السلام، غالبيتهم من تركيا. وقد نُفّذ هذا الهجوم باستخدام الذخيرة الحية وقنابل الغاز، وسُجّل في التاريخ كعمل من أعمال إرهاب الدولة، ومجزرة وجريمة ضد الإنسانية".

وسلّط أبو زيد الضوء على الرمزية التي تحملها سفينة "مادلين"، قائلًا: "انطلقت سفينة تُدعى 'مادلين' من أجل غزة. هذه السفينة تُعد السفينة رقم 36 في 'أسطول الحرية' الذي يسعى لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عام 2007. انطلقت السفينة من ميناء كاتانيا الإيطالي في أوائل حزيران/ يونيو 2025، وتحمل على متنها 12 ناشطًا من جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى مساعدات إنسانية تشمل الغذاء والأدوية والمستلزمات الطبية. وقد أُطلق على هذه السفينة اسم 'مادلين كلاب'، وهي أول امرأة فلسطينية تعمل في صيد الأسماك في غزة، وقد فقدت والدها ومصدر رزقها خلال هجمات الاحتلال الإسرائيلي التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وجّهت قوات الاحتلال تحذيرًا لسفينة مادلين لتغيير مسارها، لكنها لم تأبه لهذا التحذير. على إثر ذلك، استولت قوات الاحتلال على السفينة ونفذت عملية قرصنة. وادعت إسرائيل أنها ستوصل المساعدات إلى غزة بـ'طرق مناسبة' وستعيد النشطاء إلى بلادهم!"

"حركة هذه السفن والقوافل تُحيي مفهوم 'الأمة الواحدة'"

وأكد أبو زيد أن هذه السفن لا تحمل مساعدات مادية فحسب، بل تحمل أيضًا بعدًا معنويًا، قائلًا: "حركة هذه السفن والقوافل تُحيي مفهوم 'الأمة الواحدة' وتمثل موقفًا نبيلًا تجاه الإنسانية التي تتألم في غزة. إنها استجابة لصرخات الأطفال وكبار السن والنساء والمرضى والمستضعفين. إنها اندفاع نحو نجدة الأرواح التي تكافح الجوع والعطش. فالقرآن الكريم والسنة النبوية مليئة بالآيات والأحاديث التي تأمر بالإغاثة والتضامن والتكافل وسقي العطشى وإطعام الجائعين. المسلم أخو المسلم، والأمة مترابطة كحجارة البناء. إن روح التضامن هذه لا تقتصر على المسلمين فقط، بل تشمل أيضًا جميع أفراد الأسرة الإنسانية. حتى إن العديد من غير المسلمين تأثروا بهذه المأساة أكثر من بعض المسلمين وتحركوا".

وختم أبو زيد حديثه بالقول: "الكيان المحتل سيفعل كل ما في وسعه لمنع هذه السفن، والاستيلاء على المساعدات، وقتل من يلزم عند الحاجة. لكن هذه العراقيل ستحرك الضمير الإنساني، وتوقظ الضمائر الميتة أو الضعيفة، وتشكّل ضغطًا على الرأي العام الدولي ضد إسرائيل. هذا المسار سيجلب العار لإسرائيل على الصعيد الدولي، ويولّد رأيًا عامًا مناهضًا، ويشكل ضغطًا على حكومات العالم. ما حدث منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 شكّل زلزالًا تاريخيًا لإسرائيل. لقد قدمت قوى المقاومة الفلسطينية بطولات غير مسبوقة. إن عملية 'طوفان الأقصى' لم تكن فقط على الصعيد العسكري، بل حطّمت أيضًا صورة إسرائيل عالميًا. هذا هو الحصار الأخلاقي، وهو أقوى بكثير من الحصار المادي المفروض على غزة. كل هذه التطورات تحمل بشائر النصر والتحرر. وسنرى هذا النصر قريبًا، إن شاء الله". (İLKHA)