شهدت مدينة إسطنبول انطلاق فعاليات "مؤتمر مناهضة الصهيونية" بمشاركة واسعة من سياسيين ومفكرين ونشطاء من مؤسسات المجتمع المدني، حيث أكّد المتحدثون أهمية توحيد الجهود ضد المشروع الصهيوني العالمي، داعين إلى تجاوز الأطر التقليدية في العمل المدني، وتبني نهج "ما بعد المجتمع المدني" القائم على التحرر الفكري والمقاومة الأخلاقية.

انطلقت في مكتبة رامي بمدينة إسطنبول فعاليات "مؤتمر مناهضة الصهيونية"، بمشاركة عدد كبير من ممثلي منظمات المجتمع المدني، والكتّاب، والصحفيين، والسياسيين، والناشطين من مختلف الدول.
ويستمر المؤتمر حتى الثاني عشر من نوفمبر، متناولًا محاور فكرية وسياسية حول مواجهة الصهيونية وسبل بناء تضامن إنساني عالمي ضدها.

في كلمته الافتتاحية، حيّا النائب التركي عن حزب "الهدى"، فاروق دنيتش، قادة المقاومة الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل مواجهة الصهيونية، معتبرًا أنّ "ما يجري في غزة وفلسطين من مجازر إنما يعكس سيطرة الصهاينة على إرادة كثير من حكّام العالم".
ودعا دنيتش إلى توحيد الجهود على نهج "حلف الفضول" لمواجهة الظلم، مؤكدًا أنّ على منظمات المجتمع المدني أن تكون صوتًا حرًّا لا يخضع لحسابات سياسية أو توازنات حكومية.

من جانبه، قدّم الباحث الدكتور حسين دورماز مداخلة بعنوان "ما بعد المجتمع المدني ومناهضة الصهيونية في المرحلة الجديدة"، أشار فيها إلى أنّ الأنظمة المعاصرة تسعى إلى احتواء المعارضة داخل حدودٍ مضبوطة، ما يجعل كثيرًا من مؤسسات المجتمع المدني تعمل ضمن "الهوامش المسموح بها".
وأضاف أنّ المرحلة الراهنة تتطلّب انتقالًا نحو مفهوم "ما بعد المجتمع المدني"، الذي يتجاوز تلك الحدود ليشكّل فعلًا حرًّا يستند إلى الإيمان والعدالة والحق، مؤكدًا أنّ مقاومة الصهيونية لا يمكن أن تكون فعّالة ما دامت حبيسة النظام القائم.

كما شدّد محمود كار، منسّق عام مؤسسة "كوكلو تغييشيم" الإعلامية، على ضرورة مراجعة دور منظمات المجتمع المدني في الواقع الفلسطيني، متسائلًا: "هل نحن فاعلون أم مفعول بنا؟" وانتقد ضعف النشاط الميداني والإعلامي تجاه ما يجري في غزة تحت ظلال "صفقة القرن".

بدوره، أكّد الكاتب نور الدين يلديز أنّ الصهيونية تمثّل معركة دائمة في تاريخ البشرية، مستشهدًا بالقرآن الكريم الذي أشار إلى استمرار الصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة، وقال: "الشيطان يمكن قهره لكنه لا يُزال، وكذلك الصهيونية لا تزول ولكن يمكن محاصرتها ومقاومتها". ودعا إلى وحدة الأمة الإسلامية تحت راية الخلافة باعتبارها الخطوة الأولى نحو تحرير القدس.

ويُنتظر أن يتواصل المؤتمر على مدى أيامه المقبلة بجلسات فكرية وورش عمل تبحث في سبل تطوير خطاب مناهض للصهيونية، وبناء تضامن عالمي جديد يقوم على القيم الإيمانية والإنسانية المشتركة. (İLKHA)