الأستاذ محمد كوكطاش: زيارة باباوية… تركت وراءها ضجيجاً واضطراباً
ينتقد الأستاذ محمد كوكطاش زيارةَ البابا لتركيا وما رافقها من مظاهر الخضوع الرسمي، معتبرًا أنها فرصة كان ينبغي استثمارها لطرح أسئلة عقائدية وتاريخية جوهرية حول المسيحية والانحرافات اللاهوتية في مؤسستها الكنسية.
كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقالاً جاء فيه:
على مدى الأيام العشرة الماضية كنت منشغلًا للغاية؛ فكل يوم كان يضم ثلاثة برامج في أماكن مختلفة، خصوصًا في الأمسيات حيث كنا نجتمع بعد المؤتمرات مع الإخوة في البيوت أو الجمعيات حتى ساعات متأخرة من الليل. لذلك لم أتمكّن من متابعة الأخبار، ولم أعلم كثيرًا عمّا فعله البابا أو الأماكن التي زارها، ولم يكن لدي وقت لمشاهدة التلفاز، واقتصرت متابعتي على ما أراه سريعًا عبر الإنترنت قبل النوم.
وكما يعلم بعض الإخوة، فقد عملتُ لسنوات طويلة على دراسة شخصية النبي عيسى عليه السلام وتاريخ المسيحية، وقد شارفت بحمد الله على إتمام هذا المشروع، وأسأل دعاءكم لإكماله، ولولا هذا الانشغال، لكان لدينا الكثير لنقوله حول زيارة البابا.
إن زيارة البابا لتركيا قبل كل شيء بدت وكأنها زادت من غروره وغرور مؤيديه، لا كلام لنا على أتباعه ومحبيه، فهذا شأنهم، لكن ما لا يمكن قبوله هو ما ظهر من خضوع رسمي وزلّة موقف من بعض الجهات الحكومية، وهو أمر لا يُغتفر، وسيكون له استحقاقاته لا محالة.
وقد لوحظ أن شرائح واسعة عارضت زيارة البابا، وكان كثير منهم يعبّر عن مخاوف قومية ووطنية تحت عنوان "الحملات الصليبية"، لكنّ ما كنا نأمله حقًا هو أن تُوجَّه للبابا انتقادات فكرية وعقائدية مباشرة، وأن يُسمح للمتخصصين بعرض الحقائق العقائدية والتاريخية أمامه، وأن تُبث هذه النقاشات أمام الناس.
ولو فُتحت لهم الفرصة، لكان ينبغي أن يُقال للبابا أمور كثيرة، منها:
أولًا:
هل سجدتَ لله يومًا؟
السجود هو أعلى مراتب العبادة، حيث يضع الإنسان أشرف ما فيه أمام خالقه.
وقد نطق عيسى عليه السلام في المهد قائلًا:
"إني عبدُ الله… وأوصاني بالصلاة والصوم ما دمت حيًا (مريم 30-31.
بل إن الله تعالى قال لمريم عليها السلام:
"يا مريم اقنتي لربك واركعي واسجدي مع الساجدين (آل عمران 43
فلماذا لا تسجدون أنتم لله؟
ثانيًا:
من أين جاءت الكنائس بصورتها الحالية؟
هل في أي من الأناجيل الأربعة ما يدل على أن عيسى عليه السلام عبد الله خارج معابد بني إسرائيل (البيَع والكنس)، أم أن الصلاة بقيت في الهياكل كما كانت شريعة موسى؟
ثالثًا:
أليس مجمع نيقية هو المكان الذي فُرضت فيه عقيدة التثليث بالقوة تحت ضغط روما، حيث رُفضت عقيدة التوحيد التي حملها آريوس وأتباعه الذين أكدوا أن الله إله واحد وأن عيسى بشرٌ ورسول؟
أهذا ما جئتم للاحتفال به؟
رابعًا:
تقولون إن آدم وحواء أخطآ بأكل الثمرة المحرمة، وبذلك ورثت البشرية كلها الخطيئة.
فهل هناك في قوانينكم الحديثة مادة واحدة تُحمِّل الأبناء ذنب الآباء؟
خامسًا:
إذا كان أكل ثمرةٍ محرمة سببًا في اعتبار البشر خطأة، رغم أن آدم وزوجه تابا وتقبل الله توبتهما، فكيف لا يُعتبر صلب نبي الله عيسى كما تدّعون جريمة تقشعر لها الأبدان؟ أليس هذا أولى بأن يعد ذنبًا كونيًا وفق منطقكم؟
سادسًا:
من هو بولس الذي غيّر وجه المسيحية وأسس الكثير من الانحرافات العقائدية؟
هذا سؤال كبير، لكن الأبحاث المسيحية الحديثة نفسها بدأت تكشف حقيقته ودوره في تحويل رسالة عيسى عليه السلام عن مسارها.
وهكذا، فإن زيارة البابا لم تكن مجرد رحلة دبلوماسية، بل محطة تفرض تساؤلات عقائدية وتاريخية كبرى، كان الأولى أن تُطرح في العلن، ليُكسر صمتٌ طال أمده حول جذور الانحراف اللاهوتي في المسيحية وتاريخ مؤسستها الكنسية. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
ينتقد الأستاذ نشأت توتار زيارة البابا الرابع عشر ليون إلى تركيا باعتبارها مليئة بالرسائل الرمزية الحساسة، مثل أداء نشيد "طلع البدر علينا" وزيارة نيقية، ما يعكس تداخل الرموز الدينية مع السياسة ويستدعي الحذر في التعامل معها، ويؤكد أن الرموز الدينية قوة تتجاوز البروتوكول الدبلوماسي، وتفرض الحفاظ على الهوية الدينية واحترام المعاني العميقة في كل خطوة رسمية.
يسلط الأستاذ محمد علي كونول الضوء على أن زيارة البابا ليون الرابع عشر إلى إزنيك تبدو رمزية أكثر منها عملية، موضحًا ضعف الكنيسة الغربية في تحقيق وحدة حقيقية أو التحرك تجاه القضايا الكبرى مثل غزة.
يحذر الأستاذ محمد غوكطاش من تراجع قضية غزة في وعي الرأي العام التركي، حيث غابت الفعاليات الجادة وغابت التضامن الحقيقي، بينما يبقى الوعي الظاهري أو الافتراضي مجرد وهم، ويرى أن دعم القضية الحقيقي يتطلب جهودًا ملموسة بعيدًا عن السياسة الرسمية والمظاهر الرمزية.