قال الرئيس رجب طيب أردوغان، خلال القمة المنعقدة في مدينة خانكندي بأذربيجان: "كما يعلم الجميع، تكمن خلف هجمات إسرائيل على لبنان وسوريا وإيران سياسة تهدف إلى إخضاع الشعب الفلسطيني وإجباره على الاستسلام".

ألقى الرئيس رجب طيب أردوغان كلمة في القمة السابعة عشرة لمنظمة التعاون الاقتصادي، التي عُقدت في مدينة خانكندي بأذربيجان، تحت شعار "رؤية جديدة لمنظمة التعاون الاقتصادي من أجل مستقبل مستدام وقادر على التكيف مع تغير المناخ".

وأعرب الرئيس أردوغان عن سعادته بلقاء أصدقائه في إطار القمة.

وتقدّم الرئيس أردوغان بالشكر إلى الرئيس الأذربيجاني "إلهام علييف"، وإلى جميع المسؤولين والشعب الأذربيجاني، على ضيافتهم الكريمة في هذه المدينة العزيزة، قائلاً: "إن انعقاد اجتماعنا في مدينة محررة من الاحتلال، مثل خانكندي، يضفي أهمية ومعنى خاصين على قمتنا. وأؤمن من كل قلبي أن هذه المدينة العريقة، برؤية أخي إلهام الاستشرافية، ستصبح مركزاً جديداً للتنمية والسلام في منطقة القوقاز".

"نأتي في مقدمة المناطق التي نشعر فيها بتأثيرات أزمة المناخ السلبية بأشد الأشكال"

وتمنى الرئيس أردوغان أن تثمر المشاورات التي أُجريت اليوم، بالإضافة إلى المنتديات المعنية بالمرأة والشباب والعمل والتي عُقدت منذ الأول من تموز/ يوليو، الخير لبلداننا ومنطقتنا، قائلاً: "أجد من المناسب للغاية أن تركز هذه القمة لمنظمتنا، التي تمتلك إمكانات واسعة في مجالات التجارة والنقل والبيئة والطاقة، على قضية تغير المناخ. نحن من بين المناطق التي نشعر فيها بأثر أزمة المناخ السلبية بأشد الأشكال. ومن المهم بشكل خاص في هذه المرحلة أن تسهم جميع الدول الأعضاء في رؤية التنمية المستدامة التي تضع تغير المناخ في مركزها".

وأشار الرئيس أردوغان إلى أن تركيا حوّلت القطاعات الحيوية من أجل تحقيق هدفها بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2053 وتحقيق رؤيتها للتنمية الخضراء، موضحاً أن بلاده رفعت حصة الطاقة المتجددة ضمن إجمالي القدرة المركبة إلى 59% بفضل مبادراتها الابتكارية في مجال الطاقة.

ولفت الرئيس أردوغان إلى أن تركيا بهذه النسبة تحتل المرتبة الخامسة في أوروبا والحادية عشرة على مستوى العالم، وقال: "نتوقع تقليص انبعاثات ما يعادل 100 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون ضمن خطة العمل الوطنية لكفاءة الطاقة للفترة بين عامي 2024-2030. وقد تم اعتماد قانون المناخ لدينا من قبل برلماننا قبل أيام. كما أن مشروع "صفر نفايات" الذي ترعاه حرمي، أمينة أردوغان، والذي تم نقله إلى المستوى العالمي، يضيف قوة إضافية إلى كفاحنا ضد تغير المناخ. ومنذ انطلاق المشروع، حال دون انبعاث حوالي 6 ملايين طن من غازات الاحتباس الحراري. وعندما تتم الموافقة على استضافة بلادنا لمؤتمر الأطراف الحادي والثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سنسعى إلى ترسيخ نهج عادل ومستدام وشفاف وشامل بين الدول المتقدمة والنامية. وتركيا على استعداد لتقاسم خبرتها الواسعة وأفضل أمثلتها التطبيقية مع منظمتنا".

"يجب علينا أن نتخذ معًا خطوات من شأنها أن ترفع هدفنا المتمثل في تحقيق حجم تجارة إقليمية قدره 100 مليار دولار إلى أرقام أعلى"

وأعرب الرئيس أردوغان عن رغبته في مشاركة الحاضرين بأن الوثائق التأسيسية الخاصة بمراكز الطاقة النظيفة والبحوث التي سيتم إنشاؤها في أذربيجان في إطار المنظمة، قد وصلت إلى المرحلة النهائية من الموافقة في تركيا.

ولفت الرئيس أردوغان إلى ضرورة تطوير رؤيتهم بشكل أكبر في مجالات الاقتصاد والتجارة، التي تُعد من أبرز مجالات التعاون للمنظمة، قائلاً: "علينا أن نتخذ معًا خطوات من شأنها أن ترفع هدفنا المتمثل في تحقيق حجم تجارة إقليمية قدره 100 مليار دولار إلى أرقام أعلى. ومن هذا المنطلق، نولي أهمية كبيرة لعقد الاجتماع الخامس لوزراء التجارة في أقرب فرصة ممكنة".

وتابع الرئيس أردوغان كلمته قائلاً: "أعتقد أن وثيقة الأهداف الاستراتيجية للتعاون الاقتصادي 2035، التي ستُشكل السنوات العشر القادمة لمنظمتنا، ستوفر لنا أيضًا خارطة طريق. وفي هذا الإطار، فإن تكييف منظمتنا مع ديناميكيات واحتياجات العصر بات أمرًا لا مفر منه. ومن هذا المنطلق، فإن تعزيز فعالية منظمتنا من خلال تبسيط عمليات التعاون، بدءًا من القضايا التي لم نحرز فيها تقدمًا منذ فترة طويلة، سيكون في مصلحتنا المشتركة. وبالمثل، يجب تنفيذ هذا التبسيط في مؤسساتنا التابعة أيضًا. وتتمثل التوقعات الأساسية من وثيقة رؤيتنا لعام 2035، التي سنُشكلها في هذا الإطار، في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري. وأؤمن أننا سنتخذ معًا الخطوات التي من شأنها دعم أمانتنا العامة".

وأشار الرئيس أردوغان إلى أن التعاون في مجال السياحة، إلى جانب الاقتصاد والتجارة، يُحمّل المنظمة مسؤولية إضافية.

وأوضح أن القرارات المتخذة في الاجتماع السادس لوزراء السياحة، الذي عُقد في مدينة أرضروم التي تم اختيارها عاصمة السياحة لعام 2025، ستوفر لهم الإلهام، مضيفًا أن العديد من الفعاليات الدولية الهامة أُقيمت بنجاح في إطار هذا البرنامج، وستستمر حتى نهاية العام.

وهنّأ الرئيس أردوغان، في ختام كلمته، جميع أبناء الشعب الأذربيجاني، وفي مقدمتهم الرئيس إلهام علييف، بمناسبة اختيار مدينة شوشة عاصمة السياحة لمنظمة التعاون الاقتصادي لعام 2026.

"علينا أن نبذل مزيدًا من الجهد من أجل إنهاء المجازر في غزة في أقرب وقت ممكن"

وأشار الرئيس أردوغان إلى أن التطورات التي تشهدها المنطقة بطبيعتها تقتضي الإشارة إلى هذه القضايا، وقال: "إن السياسات العدوانية التي كثّفتها إسرائيل تحت إدارتها الحالية تُهدد أمن واستقرار منطقتنا. يجب علينا جميعًا أن نعمل بجهد أكبر من أجل إنهاء المجازر التي أودت بحياة نحو 57 ألفًا من إخواننا في غزة في أقرب وقت ممكن. لقد سجلنا منذ اليوم الأول أن الهجمات ضد إيران غير مقبولة. بذلنا جهودًا مكثفة من أجل منع انجرار منطقتنا نحو كارثة أكبر. ونأمل أن يتحول وقف إطلاق النار الفعلي بين الأطراف إلى حالة من الهدوء. وفي هذا المجلس الصديق، أود أن أؤكد مرة أخرى على ما يلي: كما نعلم جميعًا، فإن الهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا وإيران تهدف في جوهرها إلى إخضاع الشعب الفلسطيني. لا يمكننا أن نتخلى عن قضية فلسطين، ولا يمكننا أن نبقى صامتين أمام محاولات حكومة نتنياهو لتحويل منطقتنا إلى بحر من الدماء. سنواصل قول الحقيقة بشجاعة، والوقوف إلى جانب المظلومين بكل حزم في وجه الظالمين".

"المرحلة التي تم التوصل إليها في سوريا هي بارقة أمل للمنطقة"

وأوضح الرئيس أردوغان أن المرحلة التي تم التوصل إليها في سوريا نتيجة كفاح الشعب السوري المستمر منذ سنوات، تُعد بارقة أمل للمنطقة، وقال: "نرى أن استمرار المجتمع الدولي في دعمه المالي، وتطوير علاقاته مع الإدارة الجديدة، أمر في غاية الأهمية في هذه المرحلة الحرجة. أما في أفغانستان، التي تُعد منطقة أخرى مهمة، فنعتقد أنه ينبغي علينا دعم أمن الشعب الأفغاني ورفاهيته وتنميته. وأود أن أعرب مجددًا بهذه المناسبة عن تعازيّ لإخواننا الباكستانيين في أعقاب العمل الإرهابي الشنيع الذي وقع في الأيام الماضية".

وأكّد الرئيس أردوغان على أهمية الوحدة والتضامن في إطار المنظمة، وقال: "أحيّي من أعماق قلبي أخي العزيز السيد إرسين تتار، رئيس جمهورية شمال قبرص التركية، الذي يتواجد بيننا اليوم. وأؤمن بأن منظمتنا ستواصل تضامنها المتزايد مع إخواننا القبارصة الأتراك، الذين يتعرضون منذ عقود لعزلة غير عادلة، بصفتهم عضوًا مراقبًا في منظمتنا منذ عام 2012. وفي هذا الإطار، ننتظر منكم تطوير علاقاتكم مع القبارصة الأتراك في مختلف المجالات من الرياضة إلى الثقافة، ومن الاقتصاد إلى السياحة". (İLKHA)