الأستاذ محمد سولمز: متى تتحول حرية الفن إلى تجاوز للمقدسات؟

يدعو الأستاذ محمد سولمز إلى صون القيم الدينية من الابتذال تحت ستار حرية التعبير، مؤكدًا أن الفن الحقيقي لا يتنافى مع الاحترام، وأن الإساءة للمقدسات ليست إبداعًا بل تحريضًا يهدد السلم المجتمعي.
كتب الأستاذ محمد سولمز مقالاً جاء فيه:
ينبع أصل "الأدب" من "الأدب" ذاته؛ من السلوك الحسن، ومن الذوق الرفيع، ومن التهذيب في القول والفعل.
والفن، بطبيعته، لا ينفصل عن هذه القيم؛ بل يحتويها ويعكسها، إذ يشمل أصول التعامل والرقي في التعبير.
الأدب، في جوهره، هو أسمى أشكال التعبير الإنساني على مر العصور،
وربما لهذا السبب، تفرعت منه مدارس واتجاهات وأساليب لا حصر لها.
فكل فرع من فروعه، وكل نوع، ليس إلا وسيلة لإيصال فكرة، لبث شعور، لقول ما يُخفيه القلب.
النية هي الجوهر؛ هي ما يُكسب العمل معناه.
وما الأدب إلا مرآة تعكس أعماق الفنان، شخصيته، رصيده الثقافي، ورُقيه الإنساني.
وحين تكون الشخصية الأدبية مكتملة نضجًا ووعيًا، فإن أثرها يبقى، ويُثمر.
أما إذا كانت قاصرة، مشوشة، فإنها تُفرز القبح، وتُفرغ الفن من قيمته.
فهل الشخصية الأدبية أرفع من الأدب نفسه؟
نعم، لأنها هي التي تهب النص روحه، وهي التي تعطي القول قيمته، والفن صدقه.
ولكن، هل يجوز للفن أن يتحول إلى سلاح يُوجَّه نحو القيم المقدسة باسم "حرية التعبير"؟
قطعًا لا.
الإنسان حين يُحاصَر داخليًا، كثيرًا ما يلجأ إلى الحيلة والنفاق،
يمتد لسانه إلى أعراض الناس وكراماتهم،
ثم يتذرع بـ"حرية الفكر" و"حرية التعبير"، ويعلو بها كمن يتفاخر بالعار.
ويكفي أن نُذكّر بقول الله تعالى في كتابه العزيز:
﴿ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ (المدثر: 19
في إشارة إلى مَن يُمعن في الكيد والتزييف، ثم يدّعي أنه يُفكر ويُبدع.
العقل المُضطرب، الذي لا يميز بين النقد والتجريح،
يفضح نفسه بنفسه على حدود السخرية والإهانة.
أفلا يمكن أن يكون للفن بُعد نقدي وتأملي، دون أن يمسّ المقدّسات ويهزأ بالمعتقدات؟
بلى، بل هذا هو جوهر الفن الأصيل.
لكن حين تطغى الغلظة في النفس، والسمّ في اللسان،
فإن النتيجة الحتمية هي التوتر، والصدام،
وهذا يشكل خطرًا حقيقيًا على السلم الاجتماعي.
وقد رأينا هذا جليًا في بعض الأعمال "الحديثة" التي تجاوزت النقد البناء،
لتنحدر إلى الإهانة والتحقير للقيم الدينية،
ما أثار موجات غضب شعبية عارمة.
ولعل بيت الحكمة القائل: "سُلطان الكلام قد يُوقف الحرب، وقد يُطيح بالرؤوس"
هو أبلغ ما يصف أثر الكلمة.
أعمال دانتي، سلمان رشدي، عادل نيسين وغيرهم،
أثارت ضجيجًا عالميًا واسعًا،
وبُنيت ضدها حملات ومنع في دول مختلفة،
بسبب ما اعتُبر إساءة صريحة للدين.
فهل هذه "حرية تعبير"؟
أم هي إسلاموفوبيا مقنعة، وأداة أيديولوجية لضرب أساسات الإيمان في المجتمعات المسلمة؟
الفنان حر في خياله، لكن الاعتداء على مقدسات الآخرين ليس حرية، بل عدوان.
النقد له حدود، والإهانة لها اسم آخر.
فكل كاريكاتير، أو نص ساخر، يتجاوز هذا الحد، لا يمكن أن يُدرج ضمن الفن، بل ضمن التحريض.
فهل حرية الفن بلا حدود؟ وهل الغاية تُبرر السخرية من الأديان؟
نأمل أن تتحلى الحكومة المحافظة بالشجاعة الكافية، لتدعم مشروع القانون الذي تقدمت به حزب الهُدى
تحت عنوان: "تجريم الإساءة إلى القيم الدينية."
ملاحظة أخيرة:
ما نُشر مؤخرًا في مجلة "ليمان" لا يرقى حتى لمستوى الكلام،
ومكانه الطبيعي هو مجاري الصرف الصحي.
دمتم بخير، وبسلام. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
بيّن الأستاذ آيهان أكتان حقيقة الوحشية الصهيونية عبر شهادة ألون مزراحي، اليهودي الشرقي المناهض، الذي فضح المجازر ودعا إلى التمسك بالإنسانية والضمير، كما دعا إلى ضرورة أن يتحلى القادة الصامتون بالشجاعة والمسؤولية لمواجهة الظلم والدفاع عن الكرامة والعدالة.
حذّر الأستاذ كنان تشابلك من تصاعد الهجمات الممنهجة على المقدسات الإسلامية في تركيا تحت غطاء "العلمانية الزائفة"، داعيًا إلى الإسراع في تشريع قانون يُجرّم المساس بالقيم الدينية، ويضمن حماية مقدسات الأمة من العبث والاستفزاز.
كتب الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية ضمن سلسلة: الجماعة الإسلامية المصرية… من المواجهة إلى الرؤية، ما يلي: