الأستاذ محمد إشين: السلام يحقق الخير للجميع

يؤكد الأستاذ محمد إشين أن وقف العنف بين الأكراد خطوة إيجابية، لكن حقوق الشعب الكردي يجب أن تُحترم دون مساومة، مع ضرورة تعزيز الوحدة بين الشعوب لمنع الانقسامات التي تؤدي إلى الهزيمة
كتب الأستاذ محمد إشين مقالاً جاء فيه:
بدأت المساعي الدبلوماسية، التي تهدف إلى إنهاء دوامة العنف المستمرة منذ نصف قرن في جغرافيتنا تؤتي ثمارها عبر خطوات ملموسة. فقد سلّم ثلاثون عنصراً من حزب العمال الكردستاني (PKK) أسلحتهم أمام أحد الكهوف قرب السليمانية، في إشارة رمزية إلى بداية مرحلة جديدة، لا شك أن صمت البنادق وانتهاء دوامة العنف يُعدّ تطوراً إيجابياً، ومن شأنه أن يعود بالنفع على الجميع.
لكن من المؤلم أن يكون الشعب الكردي هو أكثر من دفع ثمن هذا الصراع، فقد خسر عشرات الآلاف من أبنائه – بين نساء وأطفال ورضّع فقدوا حياتهم خلال سنوات العنف، وأُجبر مئات الآلاف على النزوح من قراهم إلى المدن الكبرى، ليجدوا أنفسهم في أطراف الحواضر أشبه ما يكونون باللاجئين داخل وطنهم.
أُجبرت أسر عاشت حياة كريمة وهادئة في قراها على مواجهة ظروف قاسية في بيئة لا تعرفها، في ضواحي مدن غريبة، بينما ضاعت أجيال من الشباب في دوامة الضياع والتمرد، ولم تجرِ أي محاولة جادة لتحليل هذه الكارثة أو فهم أبعادها بشكل شامل، بل نَمَا جيلان كاملان في ظل هذا العنف المستمر.
سياسات "الخنادق" و"المتاريس" دمّرت المدن الكردية، فمناطق مثل سور داخل ديار بكر، ونصيبين، وجزيرة ابن عمر، وشرناق، تحوّلت إلى أطلال خلال الاشتباكات، الآلاف من شباب الأكراد، ضُحّوا بهم في خنادق حُفرت من أجل أوهام الثورة التي نسجها اليسار التركي.
إفراغ القرى، الاشتباكات التي استمرّت لشهور، وإضرابات الإغلاق القسري، دمّرت الاقتصاد المحلي، وحالت دون حصول جيل كامل على تعليم سليم، وكانت الكلفة المادية لهذه الأزمة باهظة، إذ تجاوزت 2 تريليون ليرة، ناهيك عن التكاليف غير المباشرة التي تفوق هذا الرقم بكثير، أما الخسائر المعنوية، وتمزّق الروابط بين الأكراد والأتراك، فلا تُقاس بالمال.
من هنا، فإن مجرد صمت السلاح لا يكفي، لا بد من التمييز بين العنف وقضية الأكراد، صحيح أن القضيتين تداخلتا عبر العقود، لكن يجب الفصل بين من يحمل السلاح، ومن يطالب بالحقوق، التفاوض بشأن السلاح من اختصاص الدولة وأجهزتها، وهي التي تدير هذه العملية لضمان نجاحها، لكن الحقوق الإنسانية المشروعة للشعب الكردي لا يجوز بحال من الأحوال أن تكون موضوع مساومة، لا مع هذا التنظيم ولا مع أي جهة أخرى. سواء توقّف العنف أو استمر، فإن حقوق الأكراد يجب أن تُرد، ويجب أن يُنزع السلاح من كونه أداة للضغط أو المطالبة بالحقوق.
لا يصح أن يُنظر إلى تنظيم مسلّح على أنه ممثل وحيد للشعب الكردي، الحقوق تُمنح لجميع الأكراد، لا عبر ممثلين محددين، لأنها استحقاق أصيل، بل إن الأمر لا يحتاج إلى "مخاطَب" أو "وسيط"، فالحق لا يُنتظر التفاوض عليه.
وفي هذا السياق، جاءت كلمات الرئيس رجب طيب أردوغان في اجتماع حزب العدالة والتنمية لتؤكد أهمية الوحدة:
"عندما يكون التركي والكردي والعربي معًا، فهم موجودونK أما عندما ينقسمون ويتباعدون، فالهزيمة والحزن مصيرهمK المغول دمّروا بلاد المسلمين حين تفرّقوا، والصليبيون هاجموا لأننا لم نتوحد، وخسرنا الحرب العالمية الأولى وقُسمت أراضينا، وضاعت القدس بسبب الفرقة، في غزة الآن ترتكب أفظع إبادة جماعية، لأننا لم نعد نتحالف كما كنا عبر التاريخ."
إذن، أمامنا خياران:
إما أن نكون كما كان أجدادنا، إخوة في السراء والضراء، نتقاسم الألم والأمل، ونبني مستقبلًا مشتركًا نهزم فيه أعداءنا…
أو نستمر في الحرب الداخلية، ونصبح فريسةً سهلةً لأعدائنا، نُهزَم واحدًا تلو الآخر.
نسأل الله أن يكون هذا المسار الجديد فاتحة خير، تُفضي إلى ترسيخ الأخوّة، وإفشال مخططات الإمبريالية، وتحرير غزة، والقدس، وسائر ديار الإسلام. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يسلّط الأستاذ محمد علي كونول في مقاله الضوء على إعلان حزب العمال الكردستاني "وداع السلاح"، مشكّكًا في مصداقية هذا التحوّل في ظلّ سجلّ طويل من العنف والتناقضات الأيديولوجية، ويؤكد أن السلام الحقيقي يتطلب مراجعة جادّة للماضي، وتوافقًا صادقًا مع هوية المجتمع الكردي وقيمه.
شدّد الأستاذ عبد الله أصلان أن إحراق أسلحة تنظيم PKK الإرهابي ليس نهاية لمسار طويل من الإجرام، بل خطوة رمزية لا تُغني عن المحاسبة، والاعتراف، وتحقيق العدالة.
أكد الأستاذ محمد أشين في مقاله أن الأمة الإسلامية تعاني منذ قرن من هيمنة القوى الإمبريالية والصهيونية، لكن مقاومة غزة كسرت وهم التفوق الصهيوني وأصبحت رمزًا لتحرير الأمة، وأعرب عن تفاؤله بأن النصر قريب بإذن الله.