الأستاذ إسلام الغمري: وانقلب السِّحر على السَّاحر.. حماس تربك نتنياهو وتخلط حسابات ترامب

أكد لأستاذ إسلام الغمري نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية أن رد حماس على خطة ترامب كان خطوة ذكية قلبت الطاولة على نتنياهو، وحولتها من متهمة بالتعنت إلى لاعب سياسي يفرض شروطه، كما أبرز أن المقاومة جمعت بين الصمود الميداني والدهاء الدبلوماسي، ما وضع الاحتلال وواشنطن في مأزق أمام العالم.
كتب الأستاذ إسلام الغمري نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجي مقالاً جاء فيه:
لم تكن غزة مجرد عنوان لأزمة جديدة في الشرق الأوسط، بل كانت وما زالت بوصلةً تحدد مسارات السياسات الدولية والإقليمية. الحرب الأخيرة على القطاع جاءت لتؤكد أن إرادة المقاومة قادرة على قلب الموازين، وأن الكيان المحتل مهما امتلك من قوة عسكرية ودعم سياسي فلن يتمكن من إخضاع شعب متمسك بحقوقه. وفي خضم هذا المشهد المتشابك، جاء رد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليكشف عن دهاء سياسي نادر وذكاء استراتيجي عالٍ، جعل العالم كله يعيد قراءة الموقف من جديد. لقد كان الرد كفيلاً بأن يقلب الطاولة على نتنياهو، وأن يحوّل السحر على الساحر.
أولاً: مضمون الردّ الحمساوي
أعلنت "حماس" موافقتها على وقف الحرب، وإطلاق سراح الأسرى وفق صيغة تبادل عادلة، مشترطة انسحاب قوات الاحتلال من القطاع وتهيئة الظروف الميدانية لتنفيذ ذلك. وفي الوقت نفسه، أكدت الحركة أن إدارة غزة ليست حكراً عليها، بل شأن وطني فلسطيني جامع، وأبدت استعدادها لتسليم الإدارة إلى لجنة فلسطينية من المستقلين "تكنوقراط" فور تثبيت وقف إطلاق النار.
هذا الموقف لم يكن جديداً تماماً، إذ سبق أن طرحته الحركة في تفاهماتها مع مصر وقطر. لكنه في هذه اللحظة التاريخية اتخذ بعداً مختلفاً، لأنه جاء رداً مباشراً على مبادرة أميركية، ولأنه سحب الذريعة التي كان الاحتلال يستند إليها لإطالة أمد العدوان.
ثانياً: ذكاء سياسي ومناورة مدروسة
يمكن تلخيص ذكاء الرد في ثلاث نقاط أساسية:
1. مرونة محسوبة: رحّبت الحركة بجوهر الخطة المتمثل في وقف الحرب وتبادل الأسرى، لكنها تجاهلت البنود الأخرى التي تمثل في حقيقتها "أحلاماً إسرائيلية مستحيلة"، مثل نزع السلاح أو القبول بصيغة تسوية نهائية من طرف واحد.
2. التمسك بالثوابت: أكدت "حماس" أن الحكم في غزة شأن فلسطيني داخلي، لا تقرره إسرائيل ولا الولايات المتحدة، وإنما الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية.
3. تحويل الضغط إلى فرصة: بدلاً من أن تُتهم برفض جهود السلام أو التعنت، وضعت "حماس" خصومها في مأزق. فإذا رفضت إسرائيل، فستظهر هي الطرف المعرقل أمام العالم.
ثالثاً: نتنياهو في الزاوية الضيقة
كان نتنياهو يراهن على أن ترفض "حماس" مبادرة ترامب بشكل قاطع، ليظهرها بمظهر الطرف الرافض، وليستثمر ذلك في مواصلة حربه إلى ما لا نهاية. لكن الردّ جاء صادماً لتوقعاته.
الآن، باتت حكومة الاحتلال هي المتهمة أمام المجتمع الدولي بعرقلة جهود السلام، وأصبحت مضطرة لتبرير استمرارها في العدوان على المدنيين. لقد تحوّل نتنياهو من مهاجم إلى مدافع، ووجد نفسه محاصراً بين ضغوط الداخل الإسرائيلي، والانتقادات الدولية، والخلافات مع أقرب حلفائه.
رابعاً: ترامب بين الطموح السياسي وضغوط الواقع
رحّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب برد "حماس"، وسارع إلى نشره عبر منصته "تروث سوشيال"، واعتبره نصراً لجهوده الشخصية، مشيراً إلى أنه خطوة تقرّبه من حلمه القديم بالحصول على "جائزة نوبل للسلام".
لكن وراء هذا الترحيب حسابات أخرى. فترامب لا يريد أن يُنظر إليه على أنه شريك في مجازر غزة، خاصة وهو يسعى لاستعادة موقعه في البيت الأبيض وسط أجواء داخلية أميركية منقسمة. كما أن استمرار الحرب بلا أفق قد يغرقه في مستنقع سياسي وأخلاقي يضر بصورته دولياً.
خامساً: دور أردوغان والتأثير التركي
لا يمكن فصل موقف ترامب عن الضغوط الإقليمية، خصوصاً الدور التركي. فقد كان للرئيس رجب طيب أردوغان دور محوري في إقناع ترامب بأن وقف الحرب هو الطريق الوحيد للسلام.
ترامب يحترم أردوغان، ويحسب له حساباً في التوازنات الإقليمية. ومن هنا، بدا أن التحرك التركي ساعد على تعديل موقف واشنطن، ودفعها لاتخاذ مسافة من نتنياهو الذي يصرّ على المضي في حرب لا نهاية لها.
سادساً: البعد الإنساني والأخلاقي
وقف الحرب لا يعني فقط نصراً سياسياً لحماس أو هزيمة لنتنياهو، بل هو قبل كل شيء بارقة أمل إنساني.
• إنهاء المحرقة يتيح للفلسطينيين أن يلتقطوا أنفاسهم.
• يسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع أنهكته سنوات الحصار وأشهر العدوان.
• يهدئ الغضب الشعبي في العواصم العالمية، حيث خرجت الملايين رفضاً للإبادة.
• يرسل رسالة بأن العالم لم يفقد تماماً ضميره الإنساني.
لقد كان ما يجري في غزة صادماً للوجدان الإنساني، وكان السكوت عنه بمثابة خيانة للقيم التي يتغنّى بها العالم الحر. ولهذا فإن أي خطوة لوقف القتل والإبادة تمثل مكسباً للإنسانية جمعاء.
سابعاً: المقاومة والدبلوماسية في آن واحد
أثبتت تجربة غزة أن المقاومة ليست مجرد سلاح يقاتل، بل هي أيضاً عقل سياسي يُدير ويُناور. "حماس" في ردّها الأخير جسدت نموذجاً للدبلوماسية المقاومة:
• صلابة في التمسك بالحقوق والثوابت.
• ومرونة في إدارة الملفات الإنسانية والسياسية.
• وانفتاح على الوسطاء الإقليميين والدوليين.
هذا المزيج هو الذي جعلها قادرة على مواجهة الضغوط الدولية، وعلى تحويل الموقف لصالحها.
ثامناً: الدلالات الاستراتيجية
يمكن القول إن الردّ الأخير يحمل عدة رسائل استراتيجية:
1. إسرائيل ليست قدراً محتوماً: يمكن مواجهتها بالذكاء والمرونة وليس بالقوة العسكرية وحدها.
2. المقاومة لاعب شرعي: لم يعد بالإمكان تجاوز "حماس" أو إقصاؤها من المعادلات السياسية.
3. الإقليم حاضر: الدور التركي والقطري والمصري يثبت أن الصراع لم يعد شأناً محلياً فقط، بل قضية إقليمية ودولية.
4. الشعوب تراقب: الملايين التي خرجت دعماً لغزة تؤكد أن الرأي العام العالمي بات قوة ضغط لا يمكن تجاهلها.
خاتمة
لقد أثبت الفلسطينيون مرة أخرى أنهم أشدّاء في تمسّكهم بالأرض، وأشدّاء في حرصهم على السلام العادل. لم يتنازلوا عن حقوقهم، ولم يخضعوا للابتزاز، بل قدّموا نموذجاً يُجمع بين الصمود في الميدان والمرونة في السياسة.
آن لغزة أن تشرب الماء بسلام، وأن يأكل أطفالها الخبز بكرامة، وأن يتنفس أهلها الحرية. وآن للعالم أن يتخلص من هذا الكابوس الذي سمّم الأرض والفضاء، وأثقل الضمير الإنساني بجراح عميقة.
إن ردّ "حماس" لم يكن مجرد ورقة سياسية، بل كان معركة أخرى انتصرت فيها بالعقل كما انتصرت بالسلاح. وبهذا الردّ، انقلب السحر على الساحر، وباتت واشنطن وتل أبيب في مواجهة مسؤولية لا مهرب منها: إمّا الانصياع لوقف الحرب، أو الظهور أمام العالم كله كمعرقلين للسلام وخصومٍ للإنسانية.
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
كشف الأستاذ عبد الله أصلان أن «خطة السلام» ليست سوى مخطط شيطاني لاحتلال غزة وفرض شروط على حماس، داعيًا الدول العربية والإسلامية لرفضها وحماية أسطول الصمود، وأكد أن خلاص الأمة يكمن في تحمّل المسؤولية وإيجاد حلها الخاص بعيدًا عن استغلال القوى الغربية.
أدان الأستاذ حسن ساباز ما يسمى بـ«خطة غزة» التي أعلنها ترامب، معتبراً إياها مشروعاً لشرعنة الاحتلال والإبادة بدعم ثماني دول وتجاهل كامل لحقوق الشعب الفلسطيني، وأكد أن السبيل الوحيد لوقف نزيف الدم هو دعم المقاومة والرد على الصهاينة بلغة القوة.
أكد الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية في مقال له، أن القضية الفلسطينية تمرُّ بمرحلةٍ حاسمة تتعرّض فيها لعدوان وحصارٍ وضغوط سياسية واقتصادية وإعلامية متزامنة تهدِف إلى قضم حقوق الشعب الفلسطيني. في مواجهة ذلك تؤكد الفصائل والشعوب الداعمة أن خيار المقاومة والصمود هو الضامن لكرامة الفلسطينيين ورفض أي وَصاية أو حلول تُفقدهم سيادتهم.