الأستاذ حسن ساباز: العدالة

يحلّل الأستاذ حسن ساباز تصريحات نعمان كورتولموش بشأن القضية الكردية، معتبرًا إياها تحولًا مهمًا في الخطاب الرسمي نحو الاعتراف بالتعددية والعدالة، مع التحذير من هشاشتها ما لم تُدعَّم بأسس قانونية راسخة، ويؤكد أن استقرار المجتمع وعدالته لا يمكن أن يتحققا إلا في ظل منظومة قيم إسلامية توحِّد المكونات وتحفظ التنوع.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
بينما تتوالى التصريحات المؤيدة والمعارضة حول المرحلة السياسية الجديدة في تركيا، تصدّرت تصريحات نعمان كورتولموش، رئيس البرلمان التركي، في ديار بكر واجهة النقاشات السياسية، لما حملته من مضامين حساسة تتصل بجوهر العلاقة بين الدولة والمجتمع الكردي.
كانت تلك التصريحات مهمة بكل المقاييس.
فرغم أن مهمة اللجنة التي يرأسها تُعرَّف بأنها إيجاد الأرضية القانونية والاجتماعية اللازمة بعد أن تُلقي منظمة الـPKK سلاحها وتحلّ نفسها، إلا أن كورتولموش يدرك جيدًا أن جوهر القضية هو في حقيقتها "القضية الكردية"، لا مجرد ملف أمني.
وقد قال في كلمته جملًا تستحق التوقف عندها:
"اللغة من أهم المجالات التي يُعبّر فيها الإنسان عن نفسه، وهي ليست مظهرًا للانقسام بل انعكاس للتعددية الثقافية، واللغة الأم حلال كحليب الأم، ولا يجوز مساءلة أحد في هذا البلد لأنه يريد استخدام لغته، لأن اللغة أقرب ما تكون إلى قلب الإنسان، والتمييز على أساس اللغة ليس في قاموسنا على الإطلاق."
"الأخوة وحدها لا تكفي، لا بد أن نُتوّجها بالعدالة والديمقراطية."
"تاريخ تركيا هو تاريخ الأتراك كما هو تاريخ الأكراد."
والحق أن رئيس برلمانٍ كان يُسجّل في محاضر جلساته سابقًا عبارة "لغة مجهولة" عندما تُتلى كلمة كردية، بينما يقول اليوم كلمات ثمينة عن "اللغة الأم"، وهذا تطور يستحق التقدير.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل بعض الإشكالات الجوهرية.
فاللغة الأم إن لم تُستخدم تضعف مع الوقت وتضمحل، والقول إن التمييز على أساس اللغة لا وجود له في القاموس التركي، يتجاهل واقعًا تاريخيًا ما زالت آثاره حاضرة، فإما أن كورتولموش نسي معنى "التمييز"، أو أنه تناسى ممارسات النظام الكمالي في تاريخه القريب.
أما إن كان يقصد بقوله أنه يدرك تمامًا الممارسات القمعية والعنصرية لذلك النظام، وأنه يشير إلى مرحلة "التطبيع" التي جاءت مع حكم حزب العدالة والتنمية، فعليه أن يُوضّح ذلك بجلاء.
نعم، لقد أجرى حزب العدالة والتنمية بعض التغييرات، واتخذ خطوات إنسانية وألغى بعض القيود، لكن في معظم الملفات لم يضع أساسًا قانونيًا راسخًا، فإن أي تغيير في الحكومة قد يُعيد بسهولة الممارسات العنصرية القديمة.
ولا شك أن الانتقال من مرحلة لم يكن يُعترف فيها بالكردية كلغة، إلى مرحلة تُفتتح فيها قناة تلفزيونية كردية برعاية الدولة، يُعد خطوة مهمة للغاية، لكن طالما بقيت بعض العبارات الدستورية على حالها، فإن الهدف الحقيقي من هذه الخطوات سيبقى محل جدل وتساؤل.
وقد ذهب كورتولموش خطوة أبعد حين قال إن "الأخوة وحدها لا تكفي، بل لا بد من العدالة"، وهذه إشارة مهمة لأنها تُقرّ ضمنيًا بـ"نقص العدالة" في الممارسات السابقة.
فالأخوة الإسلامية هي وحدها القادرة على جمع كل المكونات العرقية في هذه الجغرافيا.
أما إذا سعت الدولة إلى اقتلاع القيم الإسلامية من المجتمع عبر القمع والعنف، وبنت هوية جديدة على أسس علمانية بحتة، فإنها بذلك تضع ديناميتًا في أساس وحدة المجتمع.
العدالة ليست تجاهل بعض الإخوة أو إلغاء وجودهم، بل هي إعطاء كل ذي حق حقه.
ولا نعني بـ"الأخوة الإسلامية" أن يتخلى الأتراك أو الأكراد أو غيرهم عن هوياتهم العرقية ليتحوّلوا إلى عرب، بل نقصد أن يعيش الجميع في وطن واحد دون إقصاء أو تمييز، في تنوع لغوي وثقافي يُغني الأفق ويثري الهوية الجماعية.
وباختصار، يمكن القول إن أي فكرة لا تجعل الإيمان بالله واليوم الآخر في مركزها، لن تجلب الطمأنينة مهما بلغت من التنظيم أو التقدّم.
ولتحقيق مجتمع عادل ومستقر، يكفي أن نتحلى بحسن النية والصدق، وليس بلوغ ذلك أمرًا صعبًا. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يبرز الأستاذ عبد الله أصلان المخاطر الكبيرة الناتجة عن تجاهل العدالة الدولية لممارسات الاحتلال الصهيوني، واستمرار اختلاقه للذرائع لشن هجماته على غزة والدول المحيطة بدعم من ترامب وأمريكا، ويؤكد أن هذه الهمجية الصهيونية لن تتوقف دون مساءلة دولية، وأن أي اعتداء جديد سيواجه غضب الضمائر العالمية والقيادة الدولية.
يؤكد الأستاذ محمد كوكطاش أن الضامن الحقيقي في اتفاق شرم الشيخ هو ترامب وأمريكا، اللذان يكرّسان حماية إسرائيل ويمنحانها الغطاء لعدوانها، بينما يقتصر دور تركيا ومصر وقطر على تأكيد الهيمنة الأمريكية دون أي ضمانة فعلية لغزة.
يحذر الأستاذ نشأت توتار من اعتماد البشر المفرط على الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أنه رغم تسهيله للحياة، فإن الإفراط في استخدامه قد يقود الجيل الجديد لفقدان التفكير النقدي والإبداعي، ويؤكد ضرورة التعاون مع التكنولوجيا دون التخلي عن العقل البشري.