الأستاذ عبد الله أصلان: الشاشة النظيفة شرط لبقاء المجتمع
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن مواجهة الانحراف والجريمة لا تتحقق بالحلول الأمنية وحدها، بل تبدأ من إصلاح الإعلام وتجفيف منابع الفساد الثقافي والفكري، ويشدد على أن الشاشة النظيفة ضرورة حضارية أساسية لبناء وعي سليم ومجتمع متماسك يحمي قيمه ومستقبله.
كتب الأستاذ عبد الله أصلان مقالاً جاء فيه:
بينما يخوض أهل غزة معركة البقاء بين الحياة والموت، تتكدّس على شاشاتنا مشاهد من الانحدار الأخلاقي، حتى بات المشهد العام يفيض بقبحٍ لا يقل خطرًا عن أي تهديد آخر يواجه المجتمعات.
الأرقام والإحصاءات المتعلقة بالجريمة والمخدرات والعنف والفساد ليست مجرد بيانات، بل هي مؤشر خطير على حجم الشر المتغلغل في الجسد الاجتماعي، ورغم مئات العمليات الأمنية والمداهمات، فإن هذه الآفات ما زالت حاضرة في كل زاوية، ما يؤكد أن المشكلة أعمق من أن تُعالج بالحلول الأمنية وحدها.
حين يصبح التركيز على مظاهر الشر دون معالجة جذوره، نكون كمن يحارب البعوض ويترك المستنقع قائمًا. فالتجفيف الحقيقي يبدأ من منابع الفساد الأخلاقي والفكري، لا من نتائجه فقط.
لقد شهدنا نماذج صادمة لانحراف القيم، حيث يتحول بعض المتعلمين إلى أدوات عنف وجريمة، في مشهد يعكس خللًا عميقًا في منظومة التربية والثقافة، والأخطر من ذلك أن يُقدَّم الانحلال، والتعرّي، وتعاطي المخدرات، على أنها رموز للرقي والحداثة، بينما هي في حقيقتها مؤشرات انهيار.
وعندما تفشل الجهات المعنية، لسنوات في إيقاف برامج تلفزيونية مسيئة يرفضها المجتمع، فإن ذلك يشجع المتربصين بالقيم على التمادي، حتى باتت أكثر المشاهد ابتذالًا تُسوَّق على أنها مجرد "مواد ترويجية".
إن ما يُعرض على الشاشات اليوم لا يعكس فقط ذوقًا إعلاميًا متدنّيًا، بل يكشف عن غياب واضح للمساءلة والضبط، وكأن الساحة تُركت مفتوحة لبث كل ما هو مبتذل دون رادع أو محاسبة.
وفي مجتمع مسلم، يصبح من المشروع التساؤل عن طبيعة الرسائل التي تُضخ يوميًا عبر الإعلام، وعن الهدف الحقيقي من إبراز نماذج لا تمثل قيم المجتمع ولا أخلاقه، حتى الإعلانات التجارية تجاوزت وظيفتها التسويقية، لتتحول إلى منصات لنشر الابتذال تحت ذرائع مختلفة.
إن السماح للإعلام بأن يكون ناقلًا للانحراف، ثم محاولة محاصرة نتائجه في الشارع، هو تناقض واضح. فالإعلام شريك أساسي في صناعة الوعي، إما أن يكون أداة بناء، أو وسيلة هدم.
ومن هنا، تبرز مسؤولية الجهات الرقابية في إعادة ضبط البوصلة، ووضع معايير واضحة لما يُعرض على الشاشات، بدءًا من المحتوى، مرورًا بالمظهر، وانتهاءً بالخطاب العام، فلكل شيء حدّ، وللشاشة آداب، وللكلمة وزن وتأثير.
كثيرون قد يتجنبون بعض الأعمال الفنية حفاظًا على قيمهم، لكنهم لا يستطيعون مقاطعة الأخبار، ولذلك فإن تطهير الخطاب الإعلامي يجب أن يبدأ من البرامج الإخبارية، بوصفها نافذة إجبارية للمجتمع كله.
إن فتح المجال الإعلامي لكل من يملك المال، دون اعتبار للأخلاق والمسؤولية، يهدد بتنشئة أجيال منقطعة عن ثقافتها، غريبة عن قيمها، وربما معادية لوطنها وهويتها.
وبقدر أهمية الجهود الأمنية في مواجهة الجريمة، تبقى معركة الوعي والثقافة والإعلام هي المعركة الأعمق والأكثر تأثيرًا، فالشاشة ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل مصنع للقيم والتصورات.
ولهذا، فإن الشاشة النظيفة ليست مطلبًا أخلاقيًا فحسب، بل ضرورة حضارية، وأحد أهم مفاتيح بناء مجتمع سليم، ومتماسك، وقادر على حماية ذاته ومستقبله. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ محمد كوكطاش أن الفتح الحقيقي لا يبدأ بالقوة العسكرية، بل بفتح القلوب وبناء الوعي، كما حدث في فتح المدينة الذي مهّد لفتح مكة، ويشير إلى أن واقع المسلمين اليوم يفرض فتوحات قائمة على الدعوة والأخلاق وبناء الإنسان، مع بقاء الجهاد والدفاع عن الأوطان واجبًا لا يسقط.
يرى الأستاذ حسن ساباز أن الأحداث الأمنية والسياسية الأخيرة تجري في أجواء ضبابية تختلط فيها الوقائع بنظريات المؤامرة، في ظل عدوان أمريكي متواصل وتوظيف سياسي للأزمات، ويؤكد أن الإبادة الجارية في غزة ستظل تطارد داعميها أخلاقيًا وإنسانيًا، كاشفةً زيف الشعارات الإنسانية وسقوط الأقنعة عن الخطاب الصهيوني والغربي.
يسلط الأستاذ محمد أشين الضوء على مسيرة معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والخذلان الدولي والعربي، مبيّنًا كيف تحولت المقاومة من فعلٍ عفوي بالحجر إلى قوة منظمة ومتطورة، ويؤكد أن هذا التحول لم يكن خيارًا سياسيًا عابرًا، بل استجابة وجودية أدرك فيها الفلسطيني أن الدفاع عن الأرض والكرامة لا يكون إلا بالإرادة والسلاح.