الأستاذ عبد الله أصلان: تشويه مفهوم العبودية بالسخرية
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن السخرية من الصلاة ليست استهزاءً بشعيرة فحسب، بل تشويهٌ لمفهوم العبودية ذاته، ومظهرٌ لانحراف يقود الفرد والمجتمع إلى الضياع، كما يدعو إلى إحياء الصلاة والتمسّك بها باعتبارها عماد الدين وأساس الحرية الحقيقية في مواجهة الانحراف.
كتب الأستاذ عبد الله أصلان مقالاً جاء فيه:
بينما تسير الإنسانية، بكل طبقاتها ومستوياتها، نحو أفق يلفّه الغموض، يمكن القول إن كل واقعة نواجهها إنما تحمل في طياتها إشارات ودلالات على هذا المجهول القادم.
غير أن الحقيقة، في جوهرها، لا تنطوي على مجهول حقيقي؛ فالبشر بأيديهم يصنعون إمّا جنّتهم أو جحيمهم. فمنذ أن وُجد الكون، أُتيح للإنسان ولو جزئيًا هامش من الاختيار، وبمقدار هذا الاختيار هو إما أن يبني مستقبله أو يهدمه.
لقد آمنا بأن التمرّد على الخالق العظيم يقود المجتمع إلى جحيم لا مخرج منه، كما أن الصمت تجاه هذا التمرّد لا يقل خطرًا، إذ يفضي إلى مستقبل مظلم ومقلق.
إن الذين لم يتركوا سمًّا إلا وتجرّعوه، ولا قذارة إلا وارتكبوها، قد بلغ بهم الجنون اليوم حدّ الاستهزاء والتهكّم بفرائض الدين الإسلامي الحنيف، في مشهد يكشف بوضوح المستوى الذي وصل إليه هذا الانحراف المَرَضي.
إن السخرية من عبادات المسلمين ليست سوى سخرية من مفهوم العبودية ذاته، وهذا أمر مرفوض جملةً وتفصيلًا.
وكما أن أذناب الشبكات الإرهابية الذين اعتادوا السخرية من الصلاة وهي الركن الأساس في الإسلام لم يُفلحوا في الماضي، فإن أولئك المهرّجين الذين يحاولون اليوم تحويل هذا الاستهزاء إلى "موضة" أو "تيار" لن يكون لهم أي مآل أفضل.
فالصلاة عماد الدين، وأوضح تجليات العبودية لله سبحانه وتعالى، والاستهزاء بالصلاة هو في حقيقته استهزاء بالإسلام نفسه، ومن كانت له مشكلة مع الصلاة، فمشكلته في جوهرها مع الدين بل مع الله، ومن كانت له مشكلة مع الله فلا فلاح له.
ولن يقتصر العذاب الذي ينتظر "غير المصلّين" على الآخرة وحدها، فمن كانت له مشكلة مع الصلاة، فلا دين له، ومن لا دين له فلا دنيا له ولا آخرة؛ هو في حكم العدم.
كما أن من يعادي الصلاة، فإنه يعادي المجتمع وقيمه بالضرورة، ومن يعادي قيم المجتمع لا يمكنه الاندماج فيه أو السير معه، والانفصال عن المجتمع لا يثمر إلا وحدة قاتلة، ودوامة من الحرمان والضياع، حيث لا سكينة ولا سعادة.
وأمام هذا الاستهزاء بالصلاة، يصبح إطلاق حملة شاملة لإحياء الصلاة ضرورة ملحّة، فكلما ازداد عدد الرؤوس المنحنية لله، ازداد عدد من نالوا حريتهم الحقيقية.
إن الأجساد التي تنحني لله وحده، تكون أشدّ صلابة في مواجهة الشرور، وأقوى قيامًا في وجه الانحراف.
فالصلاة بتكبيرها وقيامها وبركوعها وسجودها، هي إعلان تمرّد وبراءة من كل الآلهة الزائفة والطواغيت المصطنعة، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تعبئة كبرى لإقامتها وإحيائها.
وفي مثل هذه الأيام، تتجلّى قيمة الجهود التي تبذلها منصة جيل القرآن في خدمة الصلاة وتعزيز مكانتها.
فلنواجه أولئك الذين يسخرون من صلاتنا ومن وعي عبوديتنا، بالتشبّث بالصلاة والمحافظة عليها وأدائها على أكمل وجه، مع الالتزام بأركانها وشروطها، سائلين الله القبول والتوفيق.
والله وليّ ذلك والقادر عليه. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يرى الأستاذ محمد كوكطاش أن ثمانين عامًا من "السلام الأوروبي" لم تكن ثمرة وعي أخلاقي، بل نتيجة تصدير الحروب إلى خارج القارة ودفع العالم الإسلامي ثمنها دمًا ودمارًا، ويحذّر من أن هذا الاستثناء التاريخي يقترب من نهايته، مع مؤشرات على عودة أوروبا إلى مسار الصراع الذي شكّل تاريخها.
يرى الأستاذ عبد الله أصلان أن ما يُقدَّم اليوم بوصفه “حرية شخصية” هو في جوهره منظومة منظمة تفرض الحرام وتُنتج شبكات فساد وانحلال تهزّ المجتمع بأكمله، ويحذّر من أن التطبيع مع الشر والصمت عنه يفتح الباب لكوارث أكبر، في وقت يُهمَّش فيه أهل القيم وتُحارب الفضيلة علنًا.
يدعو الأستاذ محمد كوكطاش إلى إعادة توجيه الخطاب الديني عبر ضبط الجدل المستهلك والامتناع عن الخوض في القضايا الخلافية التي استنزفت طاقة المسلمين دون أثر إصلاحي، ويؤكد أن الأولى هو التركيز على القضايا الجامعة والأعمال الصالحة التي تعزز وحدة الأمة وتخدم قضاياها الكبرى.