السيادة الوطنية… استعادة القرار المصري من التبعية إلى الاستقلال

أكد الأستاذ "إسلام الغمري" حلال مقالة لوكالة إلكا للأنباء أن أي مشروع لإنقاذ القرار المصري من التبعية لا يمكن أن يبدأ دون استعادة هذه السيادة المهدورة ، وذلك عبر جهد وطني جامع يتجاوز منطق التبعية، ويفرض كلمته في الداخل والخارج.
وجاء في المقالة (3-10) من سلسلة: "من الأزمة إلى النهضة… رؤية إنقاذ وطن" الحصرية لوكالة إيلكا للأستاذ "إسلام الغمري"، نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، ما يلي:
"(3 – 10)من سلسلة: من الأزمة إلى النهضة… رؤية إنقاذ وطن
تمهيد: هل ما زال القرار الوطني في أيدينا؟
في ظل تزايد الأزمات السياسية، والانهيارات الاقتصادية، والتفكك المجتمعي، يُطرح سؤالٌ محوريٌّ على كل من يهمه مصير هذا الوطن: هل ما زالت مصر تملك قرارها الوطني المستقل؟ وهل يمكن الحديث عن مشروع نهضة حقيقي في ظل فقدان الإرادة السيادية، وارتهان القرار للمصالح الخارجية؟
إنّ الشعوب لا تُبنى على التمنّي، ولا تُدار بالأوهام، بل تبدأ نهضتها من مواجهة الحقيقة، بكل مرارتها. وحقيقة اللحظة الراهنة تقول بوضوح: السيادة الوطنية لم تعد بيد الشعب، بل فُرّط بها طوعًا تحت غطاء “الواقعية السياسية” و”ضرورات المرحلة”.
لذلك، فإن أي مشروع للإنقاذ لا يمكن أن يبدأ دون استعادة هذه السيادة المهدورة، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، عبر جهد وطني جامع يتجاوز منطق التبعية، ويفرض كلمته في الداخل والخارج.
أولًا: السيادة الوطنية… ليست مجرد وثيقة ولا خطابًا رسميًا
كثيرًا ما تُرفع السيادة كشعار، وتُكتب كمادة دستورية، وتُوظف في الخطاب السياسي… لكنها على الأرض غائبة، أو مفرّغة من مضمونها.
فالسيادة الحقيقية ليست في النصوص، بل في القرار المستقل:
• في امتلاك قرار الحرب والسلم دون إملاء خارجي،
• وفي بناء سياسات اقتصادية لا تُفرض من وراء البحار،
• وفي حماية خيارات الشعب من الابتزاز والوصاية.
وكلما ازداد ارتهان الدولة إلى الخارج، عبر القروض المشروطة أو المعونات السياسية أو الارتهانات الأمنية، كلما تآكلت السيادة حتى لو بقيت أعلامها ترفرف في المحافل الدولية.
ثانيًا: كيف ضاعت السيادة؟ ومن المسؤول؟
التبعية لم تكن نتيجة مؤامرة عابرة، بل كانت نتاج اختيارات داخلية نابعة من ضعف الإرادة، واستبداد القرار، وغياب المؤسسات التي تحمي استقلال البلاد.
لقد اتّسعت الهوّة حين:
• تحوّل القرار الاقتصادي إلى استجابة لوصفات صندوق النقد، ولو على حساب الجوع والفقر؛
• وأصبحت تحركات السياسة الخارجية تُراعي مصالح الآخرين قبل مصلحة الوطن؛
• وتم تهميش الكفاءات الوطنية، وتسليم دفة التوجيه إلى مستشارين وخبراء من خارج السياق الوطني، يحملون رؤى لا تنتمي لهوية الشعب ولا تطلعاته.
بل إن بعض الخطابات الإعلامية والثقافية باتت تُعيد إنتاج التبعية من باب “التحديث”، وتُروّج لنماذج غربية مفروضة كأنها قدر لا مفر منه.
ثالثًا: الداخل أولًا… السيادة تبدأ من الإرادة الشعبية
لا قيمة للحديث عن استعادة السيادة إذا لم يتحرر القرار من الداخل أولًا، من منطق الاحتكار، ومن وهم أن الشعب لا يُؤتمن على مستقبله، وأن الخيار الوطني الحُرّ “رفاهية لا وقت لها”.
لقد بدأ التآكل الحقيقي للسيادة يوم تم تحييد الشعب عن القرار، وتفريغ السياسة من المشاركة، واختزال الوطن في نخبة معزولة تَعتبر الناس مجرد رقم أو عائق.
ولذلك، فإن الخطوة الأولى نحو السيادة ليست مواجهة الخارج، بل تفكيك بنية التبعية في الداخل:
• في السياسة التي تحتكر
• في الاقتصاد الذي يستدين
• وفي الثقافة التي تُقصي
• وفي المؤسسات التي تُفرغ من مضمونها
التحرر يبدأ حين يُعاد الاعتبار للإرادة الشعبية بوصفها المصدر الوحيد للشرعية، والمستند الأساسي لصناعة المستقبل.
رابعًا: معادلة التحرر… أربعة أركان لاستعادة السيادة
إذا أردنا طرح معادلة وطنية واضحة لاستعادة القرار المصري، فلا بد أن تقوم على أربعة أعمدة مترابطة:
1.. استقلال اقتصادي حقيقي
يتحقق عبر تقليل الاعتماد على الخارج، وبناء قاعدة إنتاج ذاتي، وإحياء القطاعات الوطنية، وتحرير القرار الاقتصادي من شروط القروض الخارجية ومصالح الشركات العابرة للحدود.
2. تحوّل سياسي جذري
يبدأ من فتح المجال العام، وتمكين القوى الوطنية من التعبير والمشاركة، وتأسيس حياة سياسية حقيقية، تُبنى على التعدد والتوازن، لا على التبعية والتفويض المطلق.
3. نهضة وعي مجتمعي
بحيث يُدرك المواطن أن السيادة ليست قضية النخبة وحدها، بل هي قضية وطنية شاملة، تبدأ من رفض الاستلاب والانقياد، وتنمو مع التربية والإعلام والثقافة.
4. ضبط العلاقات الخارجية على أساس الندية
لا قطيعة مع العالم، بل توازن. لا تحالف أعمى، ولا خصومة مَرَضية، بل سياسة خارجية تعتمد على المصلحة الوطنية كمرجع أول وأخير، وتُبنى على مبدأ الشراكة لا التبعية.
خامسًا: استعادة السيادة ليست عُزلة… بل تموضع جديد
ينبغي أن نُميّز بين السيادة والانغلاق.
فأن تكون سياديًا، لا يعني أن تعادي العالم، بل أن تدخل إليه من باب الكرامة والمصلحة المتبادلة، لا من باب الاستلحاق والتبعية.
مصر التي نحلم بها ليست دولة منغلقة، بل فاعلة في محيطها، حرّة في قرارها، متوازنة في تحالفاتها، وقادرة على أن تقول “لا” عندما يُطلب منها ما يُهين كرامتها أو يهدد مصالحها.
خاتمة: السيادة… شرط النهضة وأساس الاستقلال الحقيقي
إذا كنا نبحث عن مستقبل حرّ وآمن لمصر، فلا بد أن نبدأ من تحرير القرار.
لا مشروع إنقاذ يُبنى فوق قرار مستعار، ولا نهضة تُصاغ بأدوات الآخرين.
إن استعادة السيادة الوطنية ليست ترفًا سياسيًا، بل شرط البقاء كدولة، والكرامة كشعب، والمستقبل كأمة.
وهذه السلسلة لا تطرح شعارات، بل تسعى لبلورة ميثاق وطني جامع، يؤمن أن الطريق إلى مصر الجديدة يبدأ من الداخل، ويتكامل مع الخارج، ويستند إلى شعب يعرف قيمته، لا ينتظر من يُملي عليه مصيره. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
كتب الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية ضمن مقال حول ما يجري في محافظة السويداء جنوب سوريا ما يلي:
أكد الأستاذ "إسلام الغمري"، أن ما نشهده في مصر اليوم لا يمكن وصفه بأنه أزمة عابرة أو مرحلة حرجة ستزول بزوال السبب، بل نحن أمام حالة من التفكك المتدرّج، والانهيار البطيء، تبدأ بتدهور اقتصادي واضح، موجّهاً نداءً عاجلاً للبدء بالإصلاح العميق قبل فوات الأوان.
كتب الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية ضمن المقالة الأولى من سلسلة (2 - 10) من سلسلة: من الأزمة إلى النهضة… رؤية إنقاذ وطن، ما يلي: