الأستاذ محمد كوكطاش: حان الآن وقت تحرك العلماء والمختصين

يؤكد الأستاذ محمد كوكطاش أن القضية الكردية التركية جرحٌ تاريخي لا يُداوى إلا بشجاعة سياسية، مشيدًا بخطوات بهتشلي وأردوغان، وداعيًا النخب لتحمّل مسؤوليتها.
كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقالاً جاء فيه:
تُعدّ المشكلة الكردية-التركية واحدة من أعمق الأزمات وأكثرها تعقيدًا في تاريخ الجمهورية، بل وفي عموم الجغرافيا المحيطة، هذه المعضلة التي ترسّخت وتكلّست على مدار قرن من الزمان، تغذّت من التلوّث الأيديولوجي الكمالي، حتى أصبحت جرحًا نازفًا في الجسد الاجتماعي والسياسي للدولة، وفضلاً عن الكلفة الإنسانية، فإن البُعد الأمني والاقتصادي للنزاع – والذي تجاوز تريليون دولار – يكشف حجم الخسارة والتمزق.
لقد كان من الواضح أن مثل هذه المعضلات لا تُحلّ بالخطابات العامة أو الإجراءات الشكلية، بل تحتاج إلى شجاعة سياسية، ونَفَس إصلاحي طويل، وإرادة تتجاوز الحسابات الآنية، واليوم يمكن القول إن السياسيين قاموا بخطوات غير مسبوقة، حتى أن البعض فاق التوقعات.
من اللافت أن الزعيم السياسي المعروف، السيد دولت بهتشلي، قد اتخذ موقفًا يمكن وصفه بأنه ثوري، سواء على المستوى الشخصي أو الوطني، لقد أسهم – ربما لأول مرة – في كسر الجمود التاريخي الذي حال دون التقدّم نحو حل حقيقي، أما الرئيس رجب طيب أردوغان، فهو ليس جديدًا على هذا المسار؛ فقد سبق له أن بادر بخطوات جريئة في فترات مختلفة، وإن تفاوتت النتائج والظروف.
الغريب أن هذه الخطوات عادةً ما كان يُنتظر أن تأتي من رجال الفكر والعلم، من الأكاديميين والباحثين، في حين كانت السياسة في الغالب تقف في الجهة المقابلة، أما اليوم فقد انعكست المعادلة: السياسيون في المقدّمة، بينما تَصدُر أصوات الاعتراض من بعض الأوساط الأكاديمية والثقافية التي لم تستوعب بعد حجم التحوّل.
لا شك أن بعض الأصوات الرافضة ستبقى حاضرة، سيظل هناك من يسعى إلى تأجيج الجراح، ويتغذّى على الخطاب القومي الحماسي، ويتخذ من الانقسام والعداء مهنة ومصدر رزق، لكننا نثق بأن وعي الناس وقدرتهم على تجاوز هذه العراقيل بالحكمة والعقل الراجح كفيل بتقويض هذه المساعي.
المسؤولية الحقيقية الآن تقع على الجامعات، بأساتذتها وطلابها، وعلى النخب الفكرية والدينية والفنية، فالعبء الأكبر في احتضان المجتمع وإعادة بنائه على أساس التفاهم والعدالة يقع على هؤلاء، لا على السياسيين وحدهم.
المشاكل المتحجّرة التي تحوّلت إلى "مسلمات وهمية" لا تُحلّ بسهولة، بل تتطلب تعبئة معرفية ووجدانية من أعلى طبقات المجتمع وقياداته الواعية، إن تغيير عقل الإنسان هو من أعقد المهام، ومن يتهيّأ لهذا الطريق عليه أن يتحلّى بأقصى درجات الصبر والتماسك.
ومن المهم أيضًا أن نشير إلى نقطة حساسة: إن هذه الخطوات التي نشهدها اليوم، رغم قيمتها الإصلاحية والسياسية، ليست من النوع الذي يُرضي طموح المسلمين بالكامل، فهي ليست خطوات إسلامية مكتملة من حيث المبادئ والمضامين. ولنا كمسلمين، الكثير مما نقوله في هذا السياق، سواء من باب النقد أو البناء.
وأخيرًا، فإن ما حمّله تنظيما كـ"PKK" الماركسي، والأيديولوجيا الكمالية من آلام وأثمان على هذه البلاد وشعبها، يحتاج إلى نقاش مستقل ووقفة تأمل جادة، فالحساب التاريخي لم يُغلق بعد.
لكن اليوم، أمام هذه اللحظة الفارقة، لا بد أن نغتنم الفرصة، ونُحسن التعامل معها، فلعلّ "الصباح يحمل خيرًا".
والسلام والدعاء للجميع.
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يُسلط الأستاذ سعد ياسين الضوء على مرور عام على استشهاد القائد المجاهد محمد الضيف، مستذكرًا حديث النبي ﷺ الذي يبرز قيمة الصبر في أوقات المحن، ويضاعف أجر المجاهدين خمسين ضعفًا.
يؤكد الأستاذ محمد إشين أن وقف العنف بين الأكراد خطوة إيجابية، لكن حقوق الشعب الكردي يجب أن تُحترم دون مساومة، مع ضرورة تعزيز الوحدة بين الشعوب لمنع الانقسامات التي تؤدي إلى الهزيمة
يسلّط الأستاذ محمد علي كونول في مقاله الضوء على إعلان حزب العمال الكردستاني "وداع السلاح"، مشكّكًا في مصداقية هذا التحوّل في ظلّ سجلّ طويل من العنف والتناقضات الأيديولوجية، ويؤكد أن السلام الحقيقي يتطلب مراجعة جادّة للماضي، وتوافقًا صادقًا مع هوية المجتمع الكردي وقيمه.