الأستاذ إسلام الغمري: روح أكتوبر.. نداء التاريخ قبل فوات الأوان

يؤكد الأستاذ إسام الغمري أن روح أكتوبر ليست ذكرى عسكرية فحسب، بل رسالة متجددة تدعو الأمة إلى الوحدة والإصلاح والإيمان، وامتلاك أدوات القوة لبناء نهضة تصون كرامتها وتضمن بقاءها في وجه مشاريع التفتيت والتبعية.
كتب الأستاذ إسلام الغمري نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية مقالاً جاء فيه:
في السادس من أكتوبر عام ألفٍ وتسعمائةٍ وثلاثةٍ وسبعين، أشرقت شمس الكرامة على الأمة العربية والإسلامية من فوق رمال سيناء، حين عبرت القوات المصرية قناة السويس وحطمت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”. كان ذلك اليوم لحظة فاصلة في تاريخ الأمة؛ إذ انتقلت من مرارة الهزيمة إلى فجر الانتصار، ومن الإحباط إلى استعادة الثقة بالنفس والقدرة على الفعل.
لقد كانت حرب أكتوبر عبورًا للإرادة قبل أن تكون عبورًا للمياه، إذ أثبتت أن الشعوب حين تؤمن بعدالة قضيتها، وتتوحد خلف قيادتها، تستطيع أن تصنع المعجزات، مهما كانت موازين القوى مختلة.
دروس العبور.. من التاريخ إلى الحاضر
اليوم، وبعد مرور أكثر من نصف قرن على تلك الملحمة، ما أحوج أمتنا إلى استحضار روح أكتوبر في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها؛ مرحلةٍ تموج بالاضطرابات وتتكالب فيها القوى الإقليمية والدولية على منطقتنا.
إنّ العدو الصهيوني يُعلن صراحةً عبر قادته عن رغبته في تصفية القضية الفلسطينية واجتثاثها من جذورها، ويتحدث نتنياهو ووزراؤه عن مشروع "إسرائيل الكبرى"، وعن واقعٍ جديدٍ في الشرق الأوسط تكون فيه "إسرائيل" سيدة القرار ومركز النفوذ.
يُلوّحون بخريطتهم المزعومة في الأمم المتحدة بكل صلفٍ وغطرسة، ويُعلنون مطامعهم في سبع دول عربية وإسلامية، بينما يتحدث بعض الساسة الغربيين باحتقارٍ عن منطقتنا باعتبارها مجرد "قبائل وقرى" لا تستحق السيادة، ويهدد ترامب وغيره بتحويلها إلى "غزة جديدة" لكل من يعترض أو يرفض الخضوع.
إننا أمام خطرٍ وجوديٍّ حقيقي، لا يقلّ خطورةً عن اجتياح المغول والتتار للعالم الإسلامي، أو عن مآسي محاكم التفتيش التي طالت مسلمي الأندلس. الخطر اليوم لا يستهدف دولةً بعينها، بل يستهدف الأمة كلّها: هويتها، مقدساتها، ثرواتها، وحقّها في البقاء.
العلاج: وحدة وإصلاح واستعداد
إنّ الكفيل وحده لتفادي هذا المصير هو تصحيحُ الأخطاء، واستعادةُ الوعي، وتحقيقُ المصالحات الوطنية والمجتمعية، فبدون وحدةٍ داخليةٍ لا يمكن بناء موقفٍ خارجيٍّ صلب، وبدون مصالحةٍ بين مكونات الأمة لا يمكن مواجهة عدوٍ متماسكٍ ومتواطئٍ مع قوى دولية متغطرسة.
نحتاج اليوم إلى عبورٍ جديد، عبورٍ نحو الوعي الجمعي، ونحو بناء مشروع نهضةٍ متكاملٍ قادرٍ على الصمود والمواجهة. فالحرب ليست فقط بالرصاص والدبابات، بل بالاستعداد والتماسك والإيمان بأننا أمةٌ قادرةٌ على استعادة مكانتها إن أرادت.
روح الإيمان.. ضرورة لا ترف
إنّ روحَ الإيمان لم تكن يومًا ترفًا ولا زينةً لغويةً في خطب التحفيز، بل كانت — وما زالت — ضرورةً وجوديةً.
وكيف لا؟ ورأس الكيان الصهيونيّ يعلن صراحةً أنّه في "مهمةٍ مقدّسةٍ ربانيةٍ"، مستحضرًا رموزَه الدينيةَ وتاريخه المزعوم ليُضفي على عدوانه غطاءً عقديًا. فإذا كان العدوّ يوظّف معتقدَه لتبرير جرائمه، فهل يُعقل أن نواجهه ونحن على أرضٍ خاليةٍ من الروح والإيمان؟
لقد أثبتت تجربةُ أكتوبر أنّ الإيمانَ هو أقوى سلاحٍ في معركة الوجود.
فصيحاتُ التكبير التي دوّت على ضفّة القناة لم تكن أصواتًا عابرةً، بل كانت نداءً سماويًا حرّر القلوب من الخوف قبل أن تحرّر الأرض من الاحتلال. كانت روحُ الإيمانِ هي التي منحت المقاتلين الثباتَ في مواجهة الموت، وهي التي فجّرت طاقةَ الصبر والإقدام، وجعلت النصر ممكنًا قبل اكتمال الاستعداد المادي والمعنوي.
واليوم، وسط عالمٍ يعيد رسم خرائطه على أساس القوة والمعتقد والرموز، أصبح الوقوفُ على الأرضيةِ الإيمانية فرضًا لا نفلًا، فالإيمان ليس فقط ما يربط الإنسان بربّه، بل ما يربطُ الأمة بمصيرها وقدرتها على الصمود في وجه الفناء.
امتلاك أدوات القوة.. فريضة البقاء
لا يكفي أن تكون لدينا الإرادة، بل يجب أن نمتلك أدوات القوة بكل أبعادها.
فوسط عالمٍ يموج بالفوضى، لا مكان فيه للضعفاء. ووسط نظامٍ عالميٍّ يُعاد تشكيله، لا مكان لأمةٍ مفككةٍ لا تمتلك قرارها ولا تقوى على حماية نفسها فضلًا عن مجابهة عدوها.
ولذلك، فإن امتلاك أسلحة الردع الحديثة لم يعد ترفًا بل ضرورة وجودية. فالأمن لا يُستجدى من الخارج، والسيادة لا تُشترى بالتحالفات المؤقتة، بل تُبنى بالقدرة الذاتية على الردع والحماية.
كما أن الأمن الغذائي والدوائي هو جدار الصمود الحقيقي؛ فالأمة التي لا تنتج غذاءها ودواءها لا تملك حريتها، وأي أزمة أو حصار كفيل بشل إرادتها السياسية والعسكرية.
إنّ بناء قاعدةٍ صناعيةٍ وزراعيةٍ وعلميةٍ قادرةٍ على الاكتفاء الذاتي هو أحد أهم متطلبات البقاء في عالمٍ تحكمه المصالح والقوة، لا الشعارات والمجاملات.
ومن دون استقلالٍ اقتصاديٍّ وتكنولوجيٍّ وغذائيٍّ ودوائيٍّ، سيبقى قرار الأمة مرهونًا بيد غيرها، مهما كانت خطاباتها رنانة.
أدوات المواجهة والبناء:
1. المصالحة الوطنية بين فئات المجتمع، وتغليب صوت الحكمة على صوت الخصومة.
2. التحالف الإقليمي الموثوق الذي يبنى على المصالح المشتركة لا على الإملاءات الخارجية.
3. الاستثمار في التعليم والبحث العلمي، فهو وقود النهضة الحقيقي وسلاح الوعي ضد التبعية.
4. إحياء روح الانتماء والمسؤولية، عبر إعلامٍ واعٍ وثقافةٍ مقاومةٍ للانحلال والتفكك.
5. التحرر من التبعية الاقتصادية وبناء اقتصادٍ إنتاجيٍّ لا ريعيٍّ، يعيد توزيع الثروة ويحصّن القرار.
أبطال أكتوبر.. جيل النصر والوفاء
ولا يمكن أن نمر بذكرى أكتوبر دون أن ننحني إجلالًا لأبطالها، الأحياء منهم وعلى رأسهم الشهداء والجرحى الذين كتبوا بدمائهم صفحة العبور المجيد.
لقد سطّروا أعظم ملحمة في تاريخنا الحديث، وأثبتوا أن الأوطان تُصان بالتضحية لا بالشعارات.
إنّ التاريخ يسجل أجيال النصر كما يلعن أجيال الهزائم، وسيبقى جيل أكتوبر شاهدًا خالدًا على أن من آمن بربه ووطنه لا يُهزم، وأن راية الكرامة لا تسقط ما دام في الأمة رجال يضحّون من أجلها.
خاتمة: نداء التاريخ
التاريخ لا يرحم، وهو يسجل المواقف لا الأعذار.
لقد أثبتت حرب أكتوبر أن الشعوب القادرة على التحدي لا تُهزم مهما طال زمن الغفلة، وأن النصر لا يُهدى، بل يُنتزع بالوعي والوحدة والاستعداد.
واليوم، إما أن نكون في الطرف الصحيح من التاريخ، نصنع مستقبلنا بأيدينا، أو نترك غيرنا يكتب نهاية أمتنا.
فهل آن الأوان أن نستعد؟
وهل نملك الشجاعة لنقول: لن نُلدغ مرتين؟ (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يحذر الأ ستاذ عبد الله أصلان من تفشي آفة القمار وتراجع ممارسته إلى مراحل مبكرة، مؤكدًا أنه خطرٌ يهدد المجتمع ككل، ويقود إلى الفساد والانهيار الأخلاقي والاقتصادي، ويدعو إلى تجريمه بالكامل واتخاذ إجراءات وقائية صارمة لحماية الشباب والمجتمع.
أكد لأستاذ إسلام الغمري نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية أن رد حماس على خطة ترامب كان خطوة ذكية قلبت الطاولة على نتنياهو، وحولتها من متهمة بالتعنت إلى لاعب سياسي يفرض شروطه، كما أبرز أن المقاومة جمعت بين الصمود الميداني والدهاء الدبلوماسي، ما وضع الاحتلال وواشنطن في مأزق أمام العالم.
كشف الأستاذ عبد الله أصلان أن «خطة السلام» ليست سوى مخطط شيطاني لاحتلال غزة وفرض شروط على حماس، داعيًا الدول العربية والإسلامية لرفضها وحماية أسطول الصمود، وأكد أن خلاص الأمة يكمن في تحمّل المسؤولية وإيجاد حلها الخاص بعيدًا عن استغلال القوى الغربية.